11 سبتمبر 2025
تسجيلكل مسلم يدرك اليوم معنى القرح؛ وهو يكابد ألم متابعة المشهد في غزة ؛ حيث تجاوز عدد الشهداء 33 الفا، ولا يجد الفلسطينيون أكفانا للأحباب الذين تناثرت اشلاؤهم في مستشفى الشفاء، بعد أن دمره جيش الاحتلال على رؤوس الجرحى. عندما يعتصر الألم القلب، وتشعر بمرارة الظلم، وقسوة القهر ؛ عليك أن تبحث في المشهد عن ضوء يكشف لنا حقيقة يجب دائما أن نتذكرها ؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالي: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (139) إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) سورة آل عمران: 140 الله سبحانه وتعالي يصف المؤمنين بأنهم الأعلون رغم القرح، فهم يدافعون عن الحق وتتعلق قلوبهم بالله القوي الذي أراد سبحانه أن يتخذ منهم شهداء، وفي ذلك تكريم للمؤمنين الذين يدافعون عن العقيدة الصحيحة التي تقوم علي التوحيد، فجباههم تسجد لله وحده، وقلوبهم تتعلق بالرجاء فيه والثقة في نصره، فهو الذي يداول الأيام بين الناس. والله لا يحب الظالمين.. وتلك الحقيقة هي العامل الحاسم في معركة ممتدة عبر العصور ضد الظلم بكل أشكاله ومن أهمها احتلال أرض فلسطين، واستخدام جيش الاحتلال الاسرائيلي قوته الغاشمة في الابادة والتجويع والحصار والتدمير. وفي مواجهة تلك القوة الغاشمة الظالمة صمد المؤمنون، وقاوموا ودافعوا عن كرامة الانسان، وخططوا لتحرير القدس باستخدام أسلحتهم البسيطة التي صنعوها بأنفسهم في أنفاق غزة، وقدموا بذلك نموذجا حضاريا للمقاومة والكفاح والجهاد سيكون له تأثيره علي كل الشعوب التي تعاني من الظلم والقهر في العالم. رغم كل ما نشعر به من ألم القرح ؛ لكننا يمكن أن ندرك أن النموذج انتصر، وأن الأحرار أصبحوا يتطلعون بإعجاب للمقاومة الاسلامية في غزة، فهو نموذج ملهم يوضح قدرة الانسان على الفعل عندما يمتلك شجاعة القلب والضمير، والإيمان بالله القوي العزيز الحكيم. وهذا النموذج يشكل نصرا للإسلام الذي يمكن أن يقود كفاح الشعوب ضد الظلم والاستعمار والاستبداد، فالشعوب لم يعد امامها الآن سوى الثورة للدفاع عن حياتها، ولذلك يجب أن تدفع ثمن الحرية غاليا، والثمن دائما هو دماء الشجعان الأبطال الذين يتقدمون للدفاع عن الحرية، ويجاهدون من أجل تحرير الأرض والإنسان. هل يمكن ان يفسر لنا ذلك لماذا يقف الاستبداد العربي مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ويحاصر غزة الشهيدة الجريحة المظلومة، ويمنع عنها الخبز والدواء، ويريد أن يموت الشعب الفلسطيني بصمت. إن الاستبداد العربي يدرك أن انتشار النموذج انتصار للإسلام الذي أصبح الأمل الوحيد لكل شعوب العالم، فهو وحده الذي يمكن أن يقود كفاح الشعوب لنيل حريتها وحقوقها، واقامة العدل. والمقاومة الاسلامية في غزة برهنت على أن الايمان أقوى من كل أسلحة العالم، وأن المؤمنين هم الأعلون بعقيدتهم وثقتهم في نصر الله، واستخدام عقولهم في التخطيط الاستراتيجي لجهاد طويل، وبذلك يقود المؤمنون ثورة عقول، ويغيرون صورة المسلم التي أراد الاستبداد فرضها علينا. المقاومة الفلسطينية توضح أن المسلم يجاهد لتحقيق الحرية والتحرير، ويبتكر الأسلحة، ويتفاعل مع العصر في ضوء المبادئ الإسلامية، ويقاتل بشجاعة، ويحقق المجد والانتصارات، ولا يخاف من قوة الاحتلال الاسرائيلي، فقلبه يتعلق بقوة الله. الدليل على ذلك أن هذا المقاتل المسلم الشجاع صمد ستة اشهر، ورفض الخضوع والخنوع، وظل يرفع شعاره: إنه لجهاد نصر أو استشهاد.. ومن يريد الحرية يجب أن يرفع ذلك الشعار، ويدفع مهرها، وإنه أغلى بكثير مما يتصور المتخاذلون، لكنها والله تستحق، والجنة تنتظر الشهداء الذين تضيئ دماؤهم الطريق لكل الحالمين بالحرية والعدل. ما أجمل النظرية التي تقدمها غزة للأمة الإسلامية التي لم يعد أمامها سوى أن تقهر خوفها، وتتخلص من ركام الأفكار الغربية المادية التي تزين الجبن والخور والخضوع والاستسلام، وعندما تستعيد هويتها وتنتفض ؛ فإنها ستنهض قوية أبية عزيزة، وستحرر أرضها، وتحقق استقلالها الشامل، وسيكون تحرير القدس هو بداية هذا الاستقلال والنهضة والعزة والمنعة والقوة والمجد والنصر. لذلك انتصرت المقاومة الاسلامية في غزة رغم القرح، فالشعوب أصبحت تدرك أن الطريق إلى الحرية يبدأ من غزة، لينطلق المؤمنون في انحاء الأرض لبناء المستقبل على قواعد الحرية والتحرير والعدل والإيمان بالله. .