15 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف أربي أولادي دون ضرب

07 فبراير 2024

رعاية الأبناء وتربيتهم واجب على الوالدَين، ولا يجوز التّقصير في أدائِهما، فالأولاد هم فلذات الأكباد، وهم جيل المُستقبل، ولهذا فإن الوالدين مسؤولان أمام الله عز وجل عنهم وعن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة صالحة، ولكن قد يتساءل الكثير من الآباء عن أُسس التربية الصحيحة وطرق التعامل مع الأطفال، وعن الطريقة الأمثل للتربية دون ضرب أو عنف، وبيان ذلك كله في هذا المقال. *التربية بين الماضي والحاضر* تعرف تربية الطفل بأنها عملية دعم الطفل، وتربيته وتنشئته تنشئة جسدية وعقلية وفكرية سليمة وسوِية، وقد اتبع أجدادنا في تربية الأبناء قديماً أساليب مختلفة، اعتمد بعضها على العنف اللفظي أو الجسدي أو كليهما كوسيلة للتربية، أما في الوقت الحاضر فيفتخر الكثير من الآباء بتربية أبنائهم وتنشئتهم تنشئة خالية من أساليب العقاب والتأديب، بخلاف ما كانت عليه تربية الأجداد قديماً، أما عن الطريقة الأمثل للتربية، فهي التي توازن بين الأمرين، ومن النصائح المهمة لتنشئة الطفل وتعليمه وتربيته تربية صحيحة: التفريق بين الضرب والعنف والعقاب، والعقاب الذي غايته أن يتأدب الطفل ويتعلم ألا يُكرر ما وقع به من أخطاء، بينما يستخدم مفهوما الضرب والعنف للدلالة على الاعتداء بدافع الانتقام، وهذا أبعد ما يكون عن مفاهيم التربية ومساعيها، ولا يفرق كثير من الآباء بين مفاهيم الضرب والعنف والعقاب، لدرجة أنهم يربون أبناءهم بطريقة لا يكون لأساليب العقاب فيها مكان، مما يسهم في ترسيخ مفهوم خاطئٍ لدى الطفل، غايته أنه لا يخطئ مرة أخرى، وأن كل فعله صحيح، ولذلك يجب أن يعي الآباء الفرق بين هذه المفاهيم ليستطيعوا توظيفها في التربية، لا أن يبعدوا العقاب عنها واتباع أسلوب الموازنة بين اللين والشدة في الكلام وتوجد طرق عديدة للتربيةِ، منها القديمة، ومنها الحديثة، وأما المفيدة منها فهي ما يمكن الطفل من التعلم بعمق، ليكون فيما بعد فرداً صالحاً، يعامل النّاس باتّزان وحكمة، ولهذا يجب على الآباء أن يتّبعوا أسلوب الشدة والحزم في كلامهم مثلما فعل أجدادهم، دون أن يغفلوا جانب اللين في الحديث والإقناع لينشأ الطفل متعلماً مواطن اللين والشِدة، وأسلوب الإقناع والتّأثير، فيجعله هذا متزِناً مُبدِعاً. *التربية دون ضرب* الضرب من الأساليب التي تترك أثراً وعواقب كبيرة سواءً في الجانب الجسدي أو النفسي، وذلك إن خرج عن حدود التأديب والأسس المعقولة التي يمكن تطبيقها، وهذا قد يؤدي إلى انهيار شخصية الطفل ونفسيته، مما يؤثر على مستقبله ويحطمه، ومن هذه الآثار السلبية التي يتسبب بها العنف، آثار نفسية: يترك العنف في نفس الطفل أثراً عميقاً، حيث يصبح لديه فوبيا من نوع الجنس المسبب للعنف، كأن تكره الإناث في الأسرة الذكور إذا كان الأب هو المسبب في العنف، كما يعاني الضحايا من العنف الأسري من الانطوائية والاكتئاب النفسي، ومنها آثار اجتماعية: يصبح لدى الطفل الذي يتعرض للعنف مخاوف حول مواجهة المجتمع خجلاً مما يتعرض له من العنف، كما يخشى النظرة الاجتماعية له فيما يتعلق بهذا الأمر. *الأسلوب الأمثل لتربية الطفل* يتساءل الآباء حول أساليب التأديب والعقاب التي يمكن أن تحل محل الضرب، فيحتارون في هذا الخصوص، لكن في كل الأحوال يجب تجنب ضرب الطفل تحت أي ظرف لأن الطفل لا يدرك ما يقوم به، ولا يميز بين الصحيح والخاطئ، كما لا يقصد الوقوع في الخطأ، ولأجل ذلك يجب ألا يعاقب بالضرب، ومن البدائل العديدة لأسلوب الضّرب المؤذي النظر إلى الطفل نظرة حادة، أو التعامل معه بأسلوب الهمهمة، فلكلا الأسلوبين تأثير كبير وإيجابي خاصة حين يوجه إليه نهي أو أمر معين، حينها ينظر إليه والداه نظرة حادة تشعره بغضبهما، ولكن يجب تدريب الطفل على هذه النظرة منذ صغره، ليعلم معناها، ويمتثل لأمر والديه، أو حرمان الطفل مما يحب مع التدرج في ذلك فيحرم بداية من الأمور التي يحتاجها احتياجاً أقل من غيرها، كالألعاب مثلاً، ثم يرفَع مستوى الحرمان إن لم يستجب، فيحرم من اللعب مع أصدقائه خارجاً، ثم من مصروفه، وهكذا، فيكون الأسلوب الأمثل بأن يتركه والداه يذهب إلى المدرسة دون حل الواجبات كي يتحمل مسؤولية ما صنعت يداه وعاقبته، فيعرف أنه كان مخطئاً، وأخيرا استخدام أسلوب الخصام والهجر، فهو أسلوب فعال جداً، خاصة إذا كانت علاقة الطفل مع الوالدين وثيقة، ويؤلمه أن يهجره والداه أو يتجنبا محادثته، مما يدفعه إلى طلب رضاهما وفعل ما هو مطلوب منه. *كسرة أخيرة* بدلاً من عقاب أطفالنا بالضرب ومن الأشياء التي لا ينبغي فعلها، نركز على أسلوب التأديب الإيجابي وعلى تنمية علاقة إيجابية مع طفلك وعلى إفهامه ما هو المطلوب منه حيال سلوكه، وانصح اخواني الآباء والأمهات بالاطلاع وقراءة الكتب المفيدة لكيفية تربية الطفل، مثل كتاب (سيكلوجية اللعب) لمؤلفته سوزانا ميلر، وكتاب (تربية الطفل من الولادة الى سن الخامسة) من تأليف عزمي أحمد ضمرة، وكتاب (تربية الطفل فنون ومهارات) من تأليف ياسر محمود، وأخيرا كتاب (أيقظي العبقرية الكامنة في طفلك) من تأليف شاكمونتالا ديفي، ووفقنا الله وإياكم في تنشئة أجيال صالحة تخدم أهلها ووطنها.