11 سبتمبر 2025
تسجيلتخيل معي، أنك تلعب لعبتك المفضلة، وسنفترض بأنها كرة القدم.. وجميع من في الملعب يهتف ضدك.. ضد فوزك.. ضد تأهلك.. ضد فريقك. تخيل أنك تسمع جميع أنواع الهتافات، بعضها يسخر من لعبك، بعضها عنصري، وبعضها بلا معنى سوى التقليل منك ومن فريقك كي تخسر ويفوز الفريق الآخر! هل تعتقد بأن ذلك سيؤثر فيك وفي لعبك؟ هل سيؤثر ذلك في نتيجة اللعبة؟ ماذا لو بدأ الجمهور برمي القمامة والأحذية عليك وعلى فريقك إن سجلت هدفاً ضد فريقهم؟ هل ستتأثر وقتها أم ستظل مركزاً في اللعبة وعلى هدفك النهائي في الفوز؟ ما تتخيله الآن، ليس خيالاً بالنسبة للكثير من لاعبي كرة القدم. الكثير منهم واجه هذه المواقف. بعضهم تأثر بالجمهور والمكان الذي لعبوا فيه، وخسروا، والبعض الآخر، لم يتأثر، وفاز رغم كل الظروف والهتافات ورمي النفايات والأحذية عليهم! ومن أهم الأسباب التي جعلتهم يفوزون رغماً عن الجميع ورغم كل شيء، هو أن عقلهم كان في مكان آخر بعيداً عن الملعب والشغب الذي يحاول الجمهور المستفز أن يغذيه فيهم! كانوا في مرحلة من التركيز، بحيث لا يؤثر فيهم شيئاً حتى وإن كانت الهتافات لهم وليس ضدهم! (فحتى هذه الهتافات قد تشتت عن اللعب لو سمح لها المرء بذلك). لاعب كرة القدم أندريه شورل فاز بكأس العالم مع منتخب ألمانيا في عام ٢٠١٤، ثم تقاعد بعد ذلك في سن ٢٩ عاماً ودخل مجال التحديات وتسلق الجبال. وبالفعل تسلق شورل جبال سنيزكا أعلى قمة في جمهورية التشيك بصدر مكشوف، لابساً الشورت فقط! يقول عن هذه التجربة: "في اللحظات الأخيرة، لم أشعر بأي شيء، ولكني وجدت في داخلي أمراً عميق يدفعني إلى الاستمرار.. هذه التجربة لن أنساها أبداً! تعلمت بأني أنا وجسدي أقوى مما أظن.. وأني بعقلي وروحي أستطيع فعل أي شيء!". ذكرتني قصة شورل بالطيار الأمريكي جون هول الذي تم القبض عليه في فيتنام أيام الحرب الأمريكية الفيتنامية. وحُبس لمدة سبعة أعوام في غرفة صغيرة. قضى هول أيامه يتخيل بأنه يلعب القولف في يقظته. وعندما تم اطلاقه، شارك في مسابقة للقولف وحاز على مركز متقدم في المسابقة رغم أنه لم يلعب القولف قبل سجنه! العقل هو أقوى سلاح في حياة الانسان. لن يؤثر على الانسان سماع الانتقادات أو نزول درجة الحرارة أو ارتفاعها بشكل كبير أو حتى الضرب والإهانة، إن لم يسمح لها الانسان بالتأثير عليه في داخله. في داخل الانسان ما هو أقوى من أي مؤثر خارجي قد يواجهه. وبسبب ذلك، يحيا البعض رغم الألم العضوي حياة سعيدة.. وبسبب ذلك يحيا البعض الآخر رغم توافر كل شيء لديهم حياة تعيسة. لأن الفئة الأولى استخدمت عقلها وركزت على ما تستطيع تغييره، أما الفئة الثانية فأهملت عقلها وجعلت المؤثرات الخارجية تلعب به، فركزت على ما لا تستطيع تغييره! ركز عزيزي القارئ على نفسك لا على الخارج، واعمل من الداخل لا من الخارج.. فالداخل هو الأبقى!