10 سبتمبر 2025

تسجيل

اللياقة العاطفية

07 فبراير 2023

لمعنى (اللياقة) أبعادٌ كثيرا ما تستخدم في سياقات متعددة، فمن ناحية تعني اللياقة حُسن التصرُّف والذوق، ومن نواحٍ أخرى تدل على المرونة والقدرة الجيّدة للأداء القوي.. وكلها تنحى نحو مسار واحدٍ في الدلالة على كل حال. فاللائق بدنياً يعني من توفَّرت فيه القابلية والمرونة والقوّة المقبولة لأداء مهمة معيّنة، واللائق سلوكياً هو القادر على حُسن التصرّف ومرونة التعامل اللبق مع الناس والمواقف. وكل تلك المظاهر ملموسة ظاهرة، ولكن هناك نوع آخر من اللياقة الحسّية، هي (لياقة عاطفية) تُسفر عن قوّة تحمّل ومرونة التعامل العاطفي والوجداني مع ما يعتري المرء في رحلة حياته على مستوى ذاته وتعاملاته مع غيره. لذلك فمن الجميل أن تهتّم بأن تكون لديك (اللياقة العاطفية) المناسبة لتحمّل العبور ببعض التحدّيات التي قد تراها (غير مريحة) لما ألفته واعتدت عليه من الشعور والسلوك.. فهذا النوع من اللياقة يمنحك المرونة للتعامل مع كافة أطياف المشاعر، ومختلف أنواع السلوكيات التي تصادفها فيمن حولك.. فتزداد قدرتك تدريجياً على التحمّل والجَلد على الاصطبار، ووضع الأمور في نصابها، ويجعلك مطواعاً هيناً ليناً مع هضاب الحياة ووديانها.. ويُمكنّك من التجديف في خضم عبابها.. وفي ذات الوقت متزن نحو ما يواجهك من المواقف والأشخاص، الأمر الذي يحض على زيادة رشدك، واتساع حكمتك، وتعاظم راحة بالك، لا يسهل استفزازك، ولا جرّك بيسر لمعارك لا تعنيك، ولا للهث وراء انتصارات وهمية كاذبة بالتفوق والفوز ! وتمنحك على مستوى آخر طول البال، والحلم، وحكمة التبصّر، فلا تصبح عندك الأمور ردّات فعلٍ غير محسوبة ولا مُقدّرة، بل ستكون قادراً على تمييز ما يصادفك ويستهلك شعورك وتختار له من الاستجابة ما يناسبه، مرةً بالتغافل، ومرةً أخرى بالرد القوي المفحم لحماية حدودك، ومرة بتوجيه الشعور لفهم ما وراء الموقف من رسائل واعتبارات تتعلم وترقى بها.. وكما هو شأن كل لياقة، تحتاج الدُّربة والمِران، وترويض النفس والوجدان حتى تُصبح اللياقة عادة، لا يمنع أن ترتقي شيئاً فشيئاً بعدها إلى آفاق الاحتراف ! * لحظة إدراك: ليست الحياة الحقّة مجرّد (ردّات فعلٍ) عشوائية لما يصادفنا من المواقف والعلاقات، إنما صبر واحتمال وتعلّم ومران نفسي داخلي على التقبّل والاختلاف ومواجهة ما لا يروق لنا أحياناً، والتدرّب على حسن التعاطي مع ما نعدّه بعض الأوقات مفاجئاً أو غريباً أو صعباً.