11 سبتمبر 2025

تسجيل

الخوف من الطيران (3- 4)

06 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "لا تخاف" في ليلة من ليالي الشتاء القارس سنة 1997، كنت جالساً في مطار نيوارك (نيوجرسي) قادماً من ولاية (كولارادو) أنتظر رحلتي المتجهة إلى مطار "روما" على الخطوط الجوية الإيطالية، وكانت السماء تنثر حبات الثلج، وكأنها ترمي بقطع من القطن حتى كست الأرض بثوب شديد البياض، وطال بي الانتظار، وبعد وقت طويل أُعلِنَ عن قيام رحلتي في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، فحملت حقيبتي اليدوية واتجهت إلى بوابة الدخول وكان ينتظرني طابور من المسافرين على بوابة السفر.وعندما تعرفت على مكان جلوسي وكان كالعادة على الجناح من الناحية اليمنى من كبينة الطائرة، فقمت بوضع حقيبتي في الدرج الموجود فوقي مباشرة، وجلست على مقعدي، وبدأ الكابتن بعملية الإقلاع التي لم تستغرق أكثر من ربع ساعة، وانطفأت أضواء ربط حزام المقعد، فقمت من مكاني واتجهت إلى دورة المياه ثم عدت إلى مكاني لأُتابع القراءة بكتاب كنت أحضرته معي، وبعد نصف ساعة أضاءت علامة ربط الأحزمة، وأُعلن أنه على كل راكب أن يجلس في مكانه ويربط حزام الأمان، فربطت حزام المقعد وهو إجراء احترازي يحافظ على سلامة الركاب من السقوط أو التعثر في الممرات، وكان موظفو الطائرة يتجولون أثناء المطبات الهوائية في كل مكان في الطائرة ويلبون طلبات الركاب.فلفت انتباهي راكب كان يجلس بجانبي وكان كثير الحركة ومتململا من الجلوس، وكانت أمامه حقيبة محشوة بالأوراق يخرجها ثم يعيدها ويقرأ المجلات التي فيها في أقل من دقيقة، ويمسك بأيدي الكرسي ويثبت قدميه في الأرض عندما تحدثُ أي حركة في الطائرة، وكان توتره يزيد في المطبات الهوائية وكثيراً ما يمسح يديه من العرق، وينفخ الهواء من فمه وكأنه تنين مُتضمر من الوضع الذي وُضع فيه أو وَضعَ نفسه فيه، والأمر الذي زاد من غرابتي هو تصرفاته عندما كانت تميل الطائرة إلى اليمين أو إلى اليسار، حيث كان يقوم بنفس الميلان ولكن بالاتجاه المعاكس وكأنه يحاول أن يعيد للطائرة توازنها.حاولت أن أتحدث معه لأخفف هذا التوتر، ولكن كان يجيب على أسئلتي بكلمة أو كلمتين، وينقطع عني ثم يعود فيجيب ثم ينقطع مع تصرفاته التي تُظهر أنه متوتر وقلق، وأدى ذلك إلى عدم تركيزه على عمل واحد أكثر من دقيقة. وعندما حطت الطائرة في مطار (روما) زفر هذا الشخص زفرته الأخيرة وبدأت عليه علامات السعادة والفرح الشديد وكأنه عائد من الموت، وانطلق بالكلام الذي تعلوه الابتسامة، وعاد شخصا آخر طموحا... متفائلا.. يتحدث عن مشاريعه التي ذهب من أجلها، والتي يطمح إلى تحقيقها في المستقبل. ومن هنا جاءت لي فكرة إنشاء مركز علاج الخوف من ركوب الطائرة، وذلك في سنة 2000م بعد أن قمت بدراستين مسحيتين عن الذين يخافون ركوب الطائرات في منطقة الخليج، وقمنا بعلاج أكثر 5633 حالة عن طريق المركز والإنترنت والبرامج التي قمنا ببيعها في المنطقة.