10 سبتمبر 2025
تسجيلأقل من شهرين تبقى على انطلاق منافسات بطولة كأس العالم قطر 2022 التي تقام خلال الفترة من 21 نوفمبر إلى 18 ديسمبر الذي يصادف اليوم الوطني لبلادنا الحبيبة، وأصبحت الدولة بكل أجهزتها جاهزة لاحتضان أكبر حدث كروي بـ 8 ملاعب ستستضيف مباريات المونديال الذي يُقام للمرة الأولى في بلد عربي وإسلامي. تقارب المسافات بين الملاعب سيكون أحد أكبر الميزات التي راهنت عليها قطر في تحضير ملف البطولة، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ النهائيات الطويل، مسافة لا تتجاوز أطولها بين ملاعب المونديال الـ75 كم، وهذا يعني أن المشجعين واللاعبين لن يكون عليهم السفر والتنقل المرهق، وبإمكانهم البقاء في مقر إقامة واحد طوال منافسات البطولة، والميزة الاستثنائية الفريدة أن المشجعين سيتمكنون من متابعة مباراتين على الأقل في نفس اليوم وهو ما لم يحدث من قبل. الحفاظ على استمرارية التقاليد والتراث القطري استاد خليفة الدولي هو الاستاد الرئيسي لكرة القدم في قطر منذ عام 1976 الذي أقيم فيه عدة بطولات كانت قريبة ومحببة إلى الشعب القطري مثل بطولات الخليج العربية ونهائيات بطولة كأس الأمير الغالية التي تنتظرها الجماهير القطرية سنوياً، ويمثل حجر الأساس للتقاليد الرياضية بالبلاد استعدادًا لاستضافة مباريات كأس العالم القادمة، وتمت إضافة قوسين مزدوجين جديدين إلى الاستاد، وذلك تجسيدًا للاستمرارية واحتضان الجماهير. كما يتسع الاستاد لعدد 40.000 مشجع ويقع في مكان متميز على بعد 10 كم من وسط المدينة. ويشكل الاستاد جزءًا من عملية تطوير أكبر تضم المركز الأولمبي للألعاب المائية في قطر وصالة مغطاة. كما يعد مول فيلاجيو ومنتزه وفندق الشعلة (ذا تورش) الدوحة جزءًا من التطوير، ويستضيف الاستاد المتحف الأولمبي العالمي الذي أبهر كثيرا من المهتمين الرياضيين. وفي نفس السياق يأتي استاد الثمامة الذي يحاكي تصميمه الدائري شكل القحفية، وهو الاسم الذي تعرف به القبعة التقليدية التي يرتديها الرجال والأطفال في جميع أنحاء الوطن العربي، وتُشكّل القحفية جزءاً أساسياً من ثقافتنا وتقاليدنا وترمز إلى انتقال الأولاد من مرحلة الطفولة إلى البلوغ. هنا تترسخ الثقة بالنفس والطموح، وتُرسم الخطوات الأولى نحو المستقبل وتحقيق الأحلام. يشكل كل ذلك مصدر إلهام مثالي لهذا الاستاد الفريد من نوعه، كما يمكن للمشجعين إلقاء نظرة أولى على استاد الثمامة من الطائرة، إذ إن عدداً كبيراً من الرحلات الجوية الدولية تحلّق فوق الاستاد ويبرز شكله الخارجي الأبيض اللامع وسط المساحات الخضراء المحيطة به والتي تضم مناطق للعب والاسترخاء. يقدّم استاد الثمامة رؤية تتجاوز جماليات تصميمه ليعد بمستقبل أكثر إشراقاً لأجيال اللعبة الجميلة. استاد البيت رمزاً للكرم والضيافة القطرية وفي سياق حفظ التقاليد وتراثنا القطري الخليجي العربي يأتي استاد «البيت» الذي يعتبر نموذجا يحتذى به في عالم إنشاء الاستادات مستقبلا كونه صرحا عالمي المستوى يجمع بين تحقيق أهداف الإرث والاستدامة والتنمية الصديقة للبيئة، ويجسد تصميم الاستاد جزءا هاما من ماضي قطر ويحاكي حاضرها، استوحى تصميمه من بيت الشعر «الخيمة» الذي سكنه أهل البادية الذين عاشوا مرتحلين في صحراء قطر بحثا عن الكلأ والماء منذ آلاف السنين، لذلك فإن هيكله الخارجي يأخذ شكل الخيمة والتي تعد رمزا من رموز الكرم والضيافة، ويتضمن مسارات للجري والمشي وكذلك مضامير للخيل والهجن. استاد استثنائي في مدينة المغامرات استاد الجنوب الذي يقع في مدينة الوكرة جنوب قطر، ويتسع لـ 40 ألف متفرج، وقد تم تصميمه ليضاهي تصميم قوارب صيد اللؤلؤ الشراعية التي تمثل رموزًا ثقافية في قطر، وتشتهر مدينة الوكرة، وهي واحدة من أقدم المناطق المأهولة بالسكان في قطر، منذ أمد بعيد بأنها مركز لممارسة رياضة الغوص بحثًا عن اللؤلؤ وصيد الأسماك، والتي تعرف قديما بمدينة المغامرات البحرية، وتم تصميم الاستاد تصميما انسيابيا بالأخشاب والمواد الطبيعية ليرمز إلى التراث. كما يأتي استاد المدينة التعليمية (جوهرة الصحراء) الذي يقع وسط الحرم الجامعي في مجمع المدينة التعليمية لمؤسسة قطر، ويُشبه قطعة ألماس متعددة الزوايا، وتشكل المثلثات أنماطاً هندسية على شكل الألماس يبدو أنها تغير لونها على مدار اليوم، مع تحرك الشمس في السماء، وبعد انتهاء مباريات بطولة العالم، سيحتفظ الاستاد بعدد 20 ألف مقعد للألعاب الرياضية الجامعية، في حين سيتم التبرع ببقية المقاعد للدول التي تفتقر إلى بنية تحتية رياضية. ويأتي استاد (974) الذي يقع في منطقة رأس أبو عبود يتسع لـ 40,000 متفرج، ويتميز بتقنية حديثة في التبريد باستخدام الطاقة الشمسية ولها بصمة صفر الكربون وذلك من الستائر الموجودة فوق الملعب، ويمكن تفكيك الاستاد بالكامل واستخدامه في مشاريع أخرى مرتبطة بالرياضة وأخرى غير مرتبطة بالرياضة، واستخدم في بنائه حاويات السفن ومقاعد قابلة للتفكيك، بعد انتهاء البطولة يتم في موقعه مشروع على كورنيش الدوحة، وهذا الاستاد يوفر كثيرا من التكاليف ويمكن استخدام مكوناته في أعمال أخرى وهو نموذج جديد لإنشاء الاستادات على مستوى العالم. ونختتم حكاياتنا باستاد الوسيل وهو التحفة المعمارية صاحب التصميم الاستثنائي المستوحى من تداخل الضوء والظلال والذي يميز الفوانيس العربية، وتقام فيه المباراة النهائية لبطولة كأس العالم، وتم تصميم الاستاد ليكون تمثيلًا ثريًا للعالم العربي، حيث يعرض زخارف أوانٍ وأوعية وقطع فنية من المنطقة، ويعد تجسيدًا حيًا لشغف قطر بمشاركة ثقافتها مع العالم. كسرة أخيرة كما وعدنا العالم بإقامة بطولة استثنائية فقطر برجالها وقيادتها الحكيمة على الوعد دائماً، وهنيئاً لبلدنا وللقطريين بهذا الإرث القيم الذي يضاف إلى إنجازات حكومتنا الرشيدة التي لم تدخر جهداً في توفير سبل العيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أرضها، والكثير من المراقبين يشهدون بأن بطولة كأس العالم الاستثنائية نجحت قبل أن تبدأ في الملاعب وأصبحت بلادنا قبلة لكل أنظار العالم الذي هو في شوق ليرى بأم عينيه هذا البلد الصغير الذي فجَّر ما تعجز عنه بعض الدول ذات الإمكانيات البشرية الأعلى في الكرة الأرضية. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية