28 أكتوبر 2025

تسجيل

جلسة لابد منها

06 أكتوبر 2015

حين يشعر المرء منا بأن نهايته قد أصبحت وشيكة، وأن لا شيء يفصله عن الموت، أو يحجب لحظات ذاك الأخير عنه، يدرك أن الوقت قد حان لمحاسبة لربما تكون قد تأخرت كثيراً، (نعم) قد قُدر لها بأن تكون في وقت (ما)، ولكن القلب أبى إلا أن تكون في وقت لاحق، وعد بأن يلحق به بعد أن ينتهي من ملاحقة كل ما يهمه ويحتاج إليه حتى انقطعت أنفاسه من شدة التعب، وضاعت قدرته على التركيز، وضاق مسار الرؤية؛ لتضيق صورة الحياة، وتضيع من بعد ذلك ملامح تلك المحاسبة، التي تغيب عن أنظاره خلف جملة من الأمور، التي لا ولن تسمح لها بأن تعود؛ لتطرق بابه حتى تدنو منه النهاية من جديد، فتأتي على عجالة من أمرها وهي تلبي ذاك النداء، فتبدأ وبشكلٍ صارم للغاية (لا رحمة فيه بتاتاً) ويصبح الأمر وكأن معركة حامية الوطيس على وشك أن تشتعل بين صاحبنا (الذي تحدثنا عنه) من جهة، وكل أعماله التي أقدم عليها من جهة أخرى؛ ليُدرك الكثير حتى يكون النصر في الأخير لمن يستحقه فعلاً.. ومما لاشك فيه أن تلك اللحظة ستقلب الموازين، وسترفع ما كان واقعاً على أرضه عالياً، وستقذف ما كان عالياً على الأرض؛ ليدرك صاحبها أنه قد أذنب في مرحلة (ما) وأعطى من لا يستحق (ما لا يستحق)؛ كي يحرم وفي المقابل من كان يستحق (ما كان يستحقه)، والحق أنه ببلوغ تلك المرحلة سيكون كمن أدرك الحقيقة ولكن بعد فوات الأوان، أي بعد أن صدر الحكم ووقعت الفأس بالرأس؛ لتعود تلك الحقيقة من حيث أتت، تماماً كما هو الوضع مع صاحبنا، الذي سيكون إدراكه لكل ما يستحق أن يكون كبيراً.. ولكن الوقت المطلوب؛ لتصحيح الأوضاع أقل بكثير من المُتاح؛ ليبدأ بالترحيب بقوارب الأمنيات التي ستعجز عن نقله إلى أي مكان؛ ليظل حيث هو، مع تلك الأشياء التي سيتمنى لو أنه قد أنجزها فعلاً قبل فوات الأوان، ولنا عند هذه النقطة وقفة جادة، تُجبرنا عليها ضرورة حصولنا على ما نستحقه، وسيكون لنا بإذن الله إن فكرنا به ملياً وبشكلٍ جدي دون أن نتركه لصفوف الانتظار ودون أن نلتفت إليه، والحديث عن كل أمر (خاص) ويهمنا أمره فعلاً، لكننا نتركه على الدوام لوقت لاحق، لربما لن يُكتب لنا بلوغه، وكل ما يحتاجه منا هو دقائق من الأفضل أن نُخصصها وتكون؛ كي تمضي سفينة الحياة على خير؛ لأننا إن فعلنا ذلك فعلاً، وأنهينا كل ما نريد دون أن نتركه عالقاً، فلاشك أننا سنتجاوز تلك العقد الصغيرة التي إن تراكمت؛ لتعقدت الحياة ولأصبحت صعبة للغاية.والآن: من منا قد بلغ هذه السطور، وتذكر أمراً لربما تجاهله (على الرغم من أهميته)، وشعر بعد مروره بكل ما سبق أنه بحاجة إلى العودة إليه من جديد؟ ومن منا قد تجاوز ذاك الشعور، وأخرج قلماً وورقة؛ كي يدون ذاك الشيء الخاص، ويبدأ بتحديد ما يجدر به فعله؛ كي يُقدم عليه؟ ومن منا قد تجاوز كل هذا وذاك، ودخل مرحلة التنفيذ على الفور؟أحبتي: من بعد كل ما قد ذكرته آنفاً فإن مسألة تحديد تلك الزمرة التي ننتمي إليها (لا ولن تهم) بقدر ما سيهمنا أن نلتفت قليلاً لكل ‏ما قد تركناه خلف ظهورنا؛ لأسباب نحسب أنها كافية تُبرر لنا ذاك التجاهل وما سيعقبه من تآكل لحقوق من لهم حق علينا، لكننا للأسف الشديد قد وضعناهم مع تلك الأشياء الخاصة في الخلف، حيث المحطة التي ندعي دائماً أننا سنلتفت إليها في وقت لاحق، لربما لن نلحق به؛ لنُحقق المُراد؛ لذا ومن قبل أن نبلغها تلك النهاية، فلتكن لنا لحظات خاصة نخضع فيها لمحاسبة صارمة، ندرك فيها ومن خلالها ما يجدر بنا فعله، فنُنهي ما علينا كما يجب، وقبل فوات الأوان.وأخيراً..إن تحسين حياتك خطوة لا تتطلب منك انتظار دعوة (ما)؛ كي تستجيب لكل ما يجدر بك فعله، ولكنها تلك التي تحتاج منك إلى الإمساك بزمام الأمور وتوليها على خير وجه، وعليه.. فلتطبق ما قد نثرناه على وجه مقال هذا اليوم؛ كي تنعم بالخير الذي يليق بك، وحتى تفعل فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي (اللهم آمين).