13 سبتمبر 2025
تسجيلنحن الأجيال التي تربت على الشعارات التالية: «من طلب العلا سهر الليالي»، «من جدّ، وجد، ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل»، «اطلب العلم ولو في الصين». منذ صغرنا ونحن نُلَقَّن أهمية الكد في العمل وطلب العلم حتى كبرنا وصرنا نلهث وراء العمل والعلم، لأسباب تختلف بيننا قد تكون المال أو الصيت أو النفع العام أو غيره. وخلال هذه الرحلة، أصبح البعض منا مدمناً للعمل، كي يصل بسرعة إلى مبتغاه. ومن ثم كانت الضربة لنا جميعاً، متمثلة في جائحة كورونا قبل سنتين تقريباً، وكأنها رسالة لنا جميعاً بوجوب التروي والتمهل في العمل وأخذ نظرة عميقة في حياتنا وأهدافنا. ورغم ذلك الكثير منا لم يتمهل ولم يبطأ. الكثير منا استغل الوقت الكبير الذي أُتيح له ليملأه بشتى أنواع الأمور والمهمات والأنشطة، وكأننا لو جلسنا بلا شيء نفعله سيحدث لنا أمر سيئ أو سنموت!. فعل لا شيء.. هو ما يتكلم عنه كتاب مارتجي ويلمز ولورا فرومن (نيكسن: الفن الهولندي الضائع المتمثل في عدم فعل أي شيء). ويتناول هذا الكتاب فوائد عدم فعل أي شيء. ولا يقصد به الكسل. بل عدم أي فعل شيء للترويح عن النفس والاسترخاء قليلاً، كأن ترجع إلى منزلك بعد العمل، وبدل أن تنام أو أن تشاهد التلفاز. تجلس أو تستلقي - وفق ما تحب - ولا تفعل أي شيء آخر لبضع دقائق! وفوائد عدم فعل أي شيء كثيرة. منها الاسترخاء وأخذ العقل لفسحة قصيرة، يهيم بها على راحته. تتضح أهم فوائد (نيكسن) أي عدم فعل أي شيء عند الحديث عن الإبداع، الكثير من المبدعين سواء أكانوا كُتَّابا أو فنانين أو علماء عصفت بهم أفكارهم المبدعة ليس وهم في العمل أو وقت العمل، بل وهم خارج العمل وفي الكثير من الأحيان لم يكونوا يفعلون شيئا! بل خطرت على بالهم الفكرة فجأة! وسبب ذلك - بنظري - راجع إلى أن الأفكار تأتينا في حالة الاسترخاء. ولذلك تأتينا الكثير من الأفكار المهمة وقت المشي والاستحمام مثلاً. عدم فعل أي شيء يومياً ولو لخمس دقائق سوف يفتح أبواب الإبداع، فالقليل من الملل لا يضر. هل تذكرون الطفولة؟ هل تذكرون ماذا فعلنا عندما جلسنا متململين لأن آباءنا وأمهاتنا طلبوا منا عدم فعل أي شيء؟ جلسنا قليلاً ثم قمنا باختراع جميع أنواع الألعاب التي نستطيع اختراعها. بعضها لم نستعمل فيها أدوات مادية حتى!. نعم، الانسان يستطيع أن يعمل تحت ضغط الأوامر والوقت، ولكن انتاجه سيكون أفضل وقت الراحة أو بعد الراحة! وعلى الأقل سيكون إنتاجا مستمرا، أما الإنتاج تحت الضغط فيقع تحت طائلة الاحتراق (burnout) وعدم الاستمرار!. افعلوا لا شيء بين الفينة والفينة! أريحوا أنفسكم وأعطوا عقلكم المبدع بعض الفسحة!.