14 سبتمبر 2025

تسجيل

أن نُجازف يعني أن نعيش

06 سبتمبر 2016

الوقوع في الخطأ مرات ومرات لا يعني أن من يُقبل عليه يفعل ذلك من باب حبه للشيء الذي يفعله أو لتعلقه الشديد به وبتلك النتائج المُغلفة بـ (نصرٍ) وهمي ما أن تظهر على السطح حتى تُظهر لنا المُقبل عليها بصورة المغفل — وإن كان ذلك بعد حين — ولكن لخلل (ما) يحرص على مد جذوره وسط حسابات صاحبنا في كل مرة؛ ليعيش التجربة ذاتها ويخرج بذات الخطأ، الذي يستوجب: توقفه في مرحلة من المراحل اللاحقة، وإصراره على معرفة ما يدور في أرضه ومن وراء ظهره، وهو حتماً ما يستحق المراجعة والتدقيق؛ لتفقد الوضع والوصول للفاعل الحقيقي الذي يتسبب بكل ذلك ويستمر على ذاك المنوال دون أن يتوقف أو أن يتظاهر بأنه سيفعل حتى يجد من أمامه من يردعه ويمنعه عن فعل ما يفعله، وهو بالتأكيد ما لن يكون غريباً سيتطفل عليه من المريخ؛ ليُمسك بعجلة القيادة ويتولى إدارة الأمور ومعالجة ما يستحق المعالجة، ولكن ذاك الذي يعرفه خير معرفة، ويدرك عنه كل شيء سيساعده على تجاوز تلك المرحلة والانتقال لمرحلة جديدة بعيدة كل البعد عن الأخطاء المألوفة، والتي لا تسمح لأي جديد بأن يكون، والحق أن من يملك حق فعل ذلك فعلاً هو صاحب الشأن ذاته، ومن عساه يستطيع تولي تلك المهمة الخاصة جداً ما لم يكن صاحب الشأن؟ قد نجد بيننا من يميل باعتقاده نحو فكرة أن الوقوع في الخطأ جريمة تستحق العقاب؛ لذا يحرص وبكل ما فيه من قوة على السير في اتجاه واحد دون أن يحيد عنه فتنزلق أقدامه (ومن بعد) حيث لا يريد أن يكون، والحق أنه ما يمكن بأن يبدو صائباً وإلى حدٍ ما، غير أنه لن يظل كذلك ولن يتمكن من الصمود طويلاً أمام ما يجدر بأن يكون، وهو ما يقف خلف حقيقة أن ما يُقبل عليه صاحبنا حين يلتزم بالسير في اتجاه واحد فيه مضيعة كبيرة جداً للوقت، ولفرص الفوز والتألق في شتى مجالات الحياة، ولعل علامات الاستفهام ستُحلق عالياً في هذه اللحظة؛ بحثاً عن إجابات مقنعة لكل ما قد ذكرته، منها: كيف يمكن بأن يكون في الأمر مضيعة للوقت ولفرص الفوز والتألق ونحن نسير في اتجاه واحد يعشق الصواب ويمقت الوقوع في الخطأ؟ إن المضيعة التي أتحدث عنها تكون (فقط) لمن يسير دون أن يسمح لنفسه بالتعرف على ما يدور من حوله؛ خوفاً من الوقوع في الخطأ، الذي يحتاج إليه وبشدة في حياته، خاصة وأن هذا الأخير هو ما سيُجبره على البحث عن الصواب مع كل مرة سيرتطم فيها به، وهو ما سيكون منه؛ لتصحيح الوضع، وتمديد رقعة ما يفعله — متى خابت محاولاته الأولى — بالاستمرار وبجد في ذلك، وهي تلك التي ستكون منه؛ حرصاً على الخروج من المأزق الذي يبتلعه مع مرور الوقت وسينجح في مهمته تلك ما لم يُنجز وبشكلٍ جدي ويتقدم بما سيقوي مناعته وسيجعله أكثر صلابة وقدرة على المواجهة، مما يعني أن الوقوع في الخطأ له فوائده، التي وإن أُخذت بعين الاعتبار فإن النتيجة ستكون رائعة جداً.نعم سنخطئ، نعم سنتألم، ولكن!أن نخطئ يعني أن نحاول ونحاول أكثر وأكثر في كل مرة نرغب فيها بالتقدم بما يُعبر عنا كما نريد، فما يتطلبه منا الوضع في بعض الأحيان هو النظر إلى الأمور من زوايا مختلفة غير تلك التي لا ترى سواه الصواب، زوايا تفوح منها رائحة الأخطاء، ولكنها وعلى الرغم من ذلك تظل مُرحبة بنا، وتنتظر منا ترحيباً بنفس الحجم لابد وأن يكون؛ كي يتم الاندماج، الذي سيكون حين يكون اللقاء، ونكون به ومن خلاله قد تعرفنا على الأشياء بشكلٍ لم يسبق لنا وأن عرفناه، (نعم) سنخطئ، (نعم) سنتألم بسبب ما سنرتكبه من أخطاء ستُربكنا، ولكن (لا) لن نخسر أي شيء بل وعلى العكس تماماً سنكون قد فزنا بالكثير، ويكفي بأن يكون منه ألا يمضي العمر دونها تلك التجارب، التي سنفتخر بها لاحقاً، وسنتميز بها كثيراً عن غيرنا، وسنعيش عمراً حافلاً بالكثير مما يمكن بأن نتحدث عنه بسعادة وإن كان فيما مضى قد تسبب لنا بشيء من الحزن.وأخيراًأن نُجازف يعني أن نعيش، وأن نعيش دون أن نُجازف يعني أن نقبل بأن يتحول الفاعل لمفعول به لا قدرة له على فعل ما يريد أبداً.