19 سبتمبر 2025
تسجيليمكن الزعم بأن مؤشر حرية الإنسان والذي صدر حديثاً غير منصف تجاه دول مجلس التعاون الخليجي بطريقة أو أخرى. فقد جاء ترتيب دول مجلس التعاون وخصوصا البعض منها متأخراً بشكل نوعي من بين 152 بلداً مشمولاً في الدارسة. المراتب التي حصلت عليها الدول الست هي 89 و 97 و 112 و 114 و 117 و 146 فيما يخص البحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات والسعودية، على التوالي. ويمكن الزعم بأنه ليس من المعقول حصول بعض الدول الواقعة في القارة الأفريقية وأخرى في قارة آسيا على نتائج أفضل من غالبية دول مجلس التعاون على مؤشر حرية الإنسان. الدراسة عبارة عن جهد مشترك بين معهد كاتو من الولايات المتحدة ومعهد فريزر من كندا ومؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية من ألمانيا. يعتمد مؤشر حرية الإنسان على نتائج مؤشري الحرية الفردية والحرية الاقتصادية. تعتمد الدارسة في المجموع على 76 متغيراً لغرض منح درجات للحرية الفردية والحرية الاقتصادية، أي عدد كبير من المعايير. تشمل المتغيرات سيادة القانون والأمن والسلامة وتكوين الجمعيات والتجمع والمجتمع المدني، وحجم الحكومة، والنظام القانوني وحقوق الملكية، وحرية ممارسة التجارة الدولية، وتنظيم الائتمان والعمل والأعمال التجارية. في المحصلة، تتقدم البحرين على سائر دول مجس التعاون من خلال جمع 6.71 نقطة من أصل 10 نقاط على المؤشر. تتقدم البحرين على الكويت على معيار الحرية الاقتصادية لكنها تتأخر عن الإمارات بالنسبة للمعيار نفسه. حقيقة القول، تتقدم الكويت على مؤشر الحرية الفردية لكنها تتأخر في مجال الحرية الاقتصادية. يعد هذا الأمر واقعيا حيث تتميز الكويت بوجود وسائل إعلام تتنافس فيما بينها لنشر آراء متباينة. كما يساهم مجلس الأمة المنتخب في تعزيز ثقافة الرأي الآخر أي الحرية الفردية في الكويت. بيد أنه هناك عدة أمور تقلل من فرص حصول الكويت على نتائج متميزة في الحرية الاقتصادية.. فهناك الدور الكبير للحكومة في الشأن الاقتصادي من خلال التوظيف على سبيل المثال. تكفي الإشارة إلى توفير الجهات الرسمية بما في ذلك المؤسسات المرتبطة بالقطاع النفطي قرابة 90 بالمائة من فرص العمل للمواطنين في القوى العاملة. كما هناك دور واضح للجمعيات التعاونية الاستهلاكية والتي بدورها تحد من مستوى المنافسة مع المؤسسات الصغيرة والتي تبيع بالقطعة. من جهة أخرى، ليس من المستغرب تصدر الإمارات في مجال الحرية الاقتصادية عبر الاستفادة من الموقع التجاري لإمارة دبي بما في ذلك إعادة التصدير والانفتاح على مختلف الاقتصاديات. المؤشر الآخر الذي صدر حديثا وفيه تصنيف لغالبية دول مجلس التعاون هو مؤشر جودة الحياة ومصدره معهد إنترنيشنز... كما هو الحال مع مؤشر حرية الإنسان، يؤخذ على المؤشر اقتصار التقييم بعدد من الدول وتحديدا 64 بلدا من أصل 195 دولة في العالم. ترتيب دول مجلس التعاون على مؤشر الجودة على النحو التالي: الإمارات 21، البحرين 47، عمان 48، قطر 56، السعودية 62 والكويت 63 أي في المرتبة قبل الأخيرة. ويستشفى من النتائج بأن التقرير منصف تجاه الإمارات ولحد ما البحرين وعمان ولكن ليس بقية دول مجلس التعاون. يستمد المؤشر نتائجه من أربعة متغيرات وهي الأنشطة الترفيهية والسعادة الشخصية والنقل والسفر، إضافة إلى الصحة والرفاهية. مؤكدا، تعتبر بعض دول المنظومة الخليجية متقدمة بشكل نوعي فيما يخص هذه المتغيرات وخصوصا الأنشطة الترفيهية والنقل والسفر بالنسبة للإمارات وقطر.. فقد أضاف افتتاح مطار حمد الدولي في 2014 لخاصية السفر عبر الدوحة. عموما، تتقدم الإمارات من خلال ترتيبها على مؤشر الجودة على بعض الدول الصناعية الرئيسية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واللتان حلتا في المرتبتين 30 و 31 على التوالي. لا غرابة، أفضل نتيجة للإمارات مصدرة النقل والسفر عبر الحلول في المرتبة رقم 16 دوليا مقارنة بالمرتبة 19 لبريطانيا و 31 للولايات المتحدة. مؤكدا، يضيف مطار دبي لجودة الحياة في الإمارة. والحال كذلك بالنسبة لمترو دبي من خلال تسهيل الانتقال من وإلى أماكن العمل والمطار. تعمل من الإمارات أربع شركات طيران وهي الإمارات والاتحاد والعربية وفلاي دبي ما يعني وجود خيارات واسعة أمام الزبائن. حقيقة القول، تعتبر الإمارات أكبر مشغل لطائرات الأيرباص أي 380 العملاقة. وقد فرض مطار دبي نفسه على خارطة السفر العالمية حيث من الممكن السفر عبره وبصورة مباشرة إلى دول في مختلف القارات دونما توقف. تتوافر خيارات أمام المسافرين للسفر إلى مدن مختلفة في الولايات المتحدة وأوروبا والصين وأستراليا والهند بشكل متكرر يوميا ومن دون توقف. وفيما يخص الأنشطة الترفيهية، تتميز دبي على وجه التحديد بإقامة فعاليات على مدار السنة مثل مهرجات التسوق بما في ذلك خلال فترة الصيف على الرغم من ارتفاع درجات حرارة الجو. تنطبق هذه الصفة على مدن أخرى في المنظومة الخليجية مثل الدوحة ومسقط. مؤكدا، لا تستطيع دول مجلس التعاون إهمال هذه المؤشرات حيث تترك نتائجها انطباعا لدى المستثمر والسائح والزائر المحتمل. المنافسة على أشدها في عصر العولمة للحصول على التجارة وجلب العمالة الماهرة والمحافظة عليها. في الواقع، يشكل العمال الأجانب غالبية القوى العاملة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء. كما يمثل الرعايا الأجانب أغلبية السكان في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء السعودية وعمان. يتعقد بأن نحو 23 ملايين وافد يقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي، بينهم حوالي 17 مليون نسمة من العمال، والباقي أفراد الأسر. بمعنى آخر، يشكل الأجانب نصف مجموع السكان في دول مجلس التعاون الخليجي وهو أمر غير عادي في الوقت في هذا العصر الذي يتميز بفرض قيود على المهاجرين.