14 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تقرأ هذا الكلام

06 سبتمبر 2015

تقاذفته الأمواج، موجة تقذفه وأخرى تتلقفه، حتى وصل إلى شاطئ كان في مخيلته أنه نهاية رحلة العذاب، لكن وبكل أسف، لقد فات الأوان ووصل بلا روح، جثة هامدة تعانق رمال البحر! والبحر غدّار، حتى الأسماك المتوحشة حنت عليه فلم تأكل منه شيئا، ورئتاه الصغيرتان مملوءتان بالمياه وبآثار الغازات السامة، فلقد فقد حياته هرباً من الجحيم يبحث عن النعيم الذي لن يراه في الدنيا، والذي كلفه ثمنا باهظا، فعندنا في العالم العربي الموت راحة من كل شر، فالشرور تتطاير في كل مكان! ففي ربيعنا العربي لا توجد فيه خضرة ولا وجه حسن، وإنما وجه بشع قبيح، فهو صحراء قاحلة موحشة فيه السباع والضباع، والتي تقتل عندما تجوع لكي تعيش في ظل صراع البقاء، وليس كحالنا أصبحنا ذوي قلوب قاسية أقسى من الحجر! فهذه إحدى انتكاسات الربيع العربي، تلك الكذبة الكبرى الذي اعتقدنا في يوم من الأيام بكل غباء بأنه سوف يضع حداً ونهاية لظلم طال أمده واستبداد اتسعت دائرته وقهر قاتل وسُراق كُثر سرقوا أرزاق الناس التي وضعها الله لهم فوق وتحت باطن الأرض، وإذا بالربيع في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب الشديد! فيا صغيرا لن تكون الأول ولا الأخير، فَنم واسترخِ على الشاطئ، أيها الملاك لقد تعبت كثيراً، فلن تسمع بعد اليوم أزيز الطائرات التي كانت ترمي عليك اللعب والحلوى والورود والمستلزمات المدرسية، وليس البراميل المتفجرة المحملة بكلمات الحب والوفاء وليس بلغة الموت والخراب والغازات السامة، ولن تحتاج إلى أن تبكي عندما ترى اللعب وتتمنى أن تقتني واحدة منها وتتوق نفسك البريئة إلى المثلجات حالك كحال الصغار أحباب الله، وسوف تكون بإذن الله تعالى طيراً في الجنة وسوف تشفع لأبيك الذي يعتصره الألم ويذرف الدموع كلما تخيلك أنت وأخاك وأمك يرحمها وإياكم الله، فكل العزاء لأبيك، فإنه عند الله منصور.. وآخر الكلام لم يهتز الضمير الإنساني يوم أن رأى جثث الأطفال وهي ممدده على الأرض بالمئات، يوم أن قصفهم الرئيس الهُمام الذي لا يخاف الله ولا عقابه الأليم بالغازات السامة القاتلة، فلم يُحرك أحد ساكنا، فلقد مات الضمير العالمي ودُفن في مقابر النسيان، فلماذا جامعة الدول العربية ذات القرارات الهزيلة لا تدعو جميع الدول العربية إلى أن تتقاسم هؤلاء المساكين الذين يَلقون بأنفسهم في أعالي البحار هرباً من جحيم إلى جحيم آخر؟ ولكن أرحم، فالعرب أولى بأهلهم من الغريب، فكل الشكر لبلدنا الغالي وقيادتنا الرشيدة وشعبنا المعطاء بوقوفه معهم منذ زمن طويل والسلام ختام يا نسل الكرام.