17 سبتمبر 2025

تسجيل

التحكيمِ.. بين العملِ الـمُؤَسَّسيِّ والتَّعاملِ البَتْـريِّ

06 سبتمبر 2014

رغم أنَّ التعاطيَ الإعلاميَّ مع قضيةِ الحُكَّامِ هو ظاهرةٌ صحيةٌ تُؤكِّدُ الدورَ الكبيرَ للصحافةِ في بلادِنا كسُلطةٍ رابعةٍ، إلَّا أنَّـهُ لم يرتقِ إلى مستوًى يتيحُ مناقشةَ القضيةِ والبحثَ عن حلولٍ للأزماتِ التحكيميةِ التي باتتْ مُزمنةً، وصارتْ محلَّ خلافاتٍ تنعكسُ على الشارعِ الرياضيِّ في صورٍ سلبيةٍ تُزري بالجهودِ الجبَّارةِ الـمَبذولةِ لترسيخِ الروحِ الديمقراطيةِ.نحن نعاني، في كثيرٍ من شؤوننا الرياضيةِ من الحالةِ البَـتْـريَّـةِ التي يَفترضُ أصحابُها أنَّ الآخرينَ لا يصلحُ معهم إلا البَتْـرُ والكيُّ، وهو أمرٌ يبدو واضحاً في التعاطي مع قضيةِ الحُكَّامِ الـمَشطوبينَ. فالذين اتَّخذوا القرارَ مارسوا البَـتْـرَ والكيَّ، لكن الـمُعْـتَرِضِينَ عليه يُطالبونَ بِـبَتْـرٍ و كَيٍّ مُضادَّيْـنِ في حقِّ شخصٍ بعينِـهِ في لجنة الحُكَّامِ. ولأننا نحرصُ على وجوبِ التعامُلِ معَ الحُكَّامِ من خلالِ اللوائحِ وفي إطارٍ مُؤسَّسيٍّ، فإننا نقولُ إنه كان من الـممكنِ الوصولُ إلى حالةٍ عقابيةٍ تجعلُ العقوبةَ رادعةً دون أنْ تُـؤثِّرَ سلباً على الجسمِ التحكيميِّ الوطنيِّ فنُضْـطَـرُّ للاستعانةِ بحكامٍ أجانبَ في الدوري الـمحليِّ، مما يعطي صورةً سلبيةً عن قدراتِنا التنظيميةِ التي لا نستطيعُ الاستنادَ فيها على كفاءاتِنا الوطنيةِ.كنا ننتظرُ، بعدَ العواصفِ الإعلاميةِ الرافضةِ والـمُؤيِّدَةِ لقرارِ لجنةِ الحُكَّامِ، أنْ تُشَـكَّلَ لجنةٌ لتَقصِّي الحقائقِ، تبحثُ الدوافعَ التي حَدَتْ بالحكام، كل الحُكَّامِ، للامتناعِ عن إجراءِ الوَزْنِ، فليس معقولاً أنْ يتعاضدوا جميعاً تلبيةً لتحريضِ قِلَّةٍ منهم، كما فهمنا من تصريحاتِ الجويني، فامتناعُهم كُلُّهُـم يبعثُ في النفوسِ تساؤلاتٍ عن الكيفيةِ التي يَـتِـمُّ التَّعاملُ معهم من خلالِها، ويدفعُ بنا إلى الـمُطالبةِ بسماعِ الرأي الآخر لتتضحَ القضيةُ من جميعِ جوانبها.بالطبع، فإنَّ الغرضَ من حديثي ليسَ التشكيكُ في صحةِ قرار لجنةِ الحُكَّامِ، ولا النَّيْـلُ من إدارييها، لأننا واثقونَ من تَـحَـرِّيْـهِم الـمصلحةَ الوطنيةَ في قرارِهِم، ولكنني أتحدثُ عن الفرقِ بين تطبيقِ القانونِ حَرْفياً والالتزام بمُراعاةِ روحِـهِ عند تطبيقِـهِ. وأناقشُ الكيفيةَ التي أُديرَتْ بها القضيةُ حتى صارَتِ اتِّهاماً بضَعْـفِ الروحِ الوطنيةِ لدى حُكَّامِنا بدلاً من حَصْـرِها في إطارِها الإداريِّ، والقيامُ بما ينبغي دونَ حَـملاتٍ استباقيةٍ هدفُها تحييدِ رَدَّاتِ الفِـعْلِ لرافِضِـيِّ القرارِ. كلمةٌ أخيرةٌ:لقد أخطأ الحُكَّامُ، و لم يقلْ أحدٌ إنهم على صوابٍ، لكنَّ لجنةَ الحُكَّامِ مُطالَبَـةٌ بإجراءِ تحقيقٍ تقوم به لجنةٌ محايدةٌ، فنحن مع العملِ في إطارِ الـمؤسساتِ، وعلينا جميعاً تنميةُ روحِ العملِ الـمُؤسَّسي بعيداً عن الصَّخبِ الإعلاميِّ.