18 سبتمبر 2025

تسجيل

لبنان كما رأيتها اليوم

06 أغسطس 2023

لم يكن لبنان كما كان، بلد الجمال الرباني لعبت به أصابع الغدر والخيانة والنزاعات من الداخل والخارج، سرقت ونهبت مقدراته المالية ليصل إلى هذا العجز المالي والاقتصادي الذي يعاني منه اليوم، شوهت صورته الربانية ماذا نرى اليوم؟ ركامات من النفايات متناثرة في الشوارع والحارات، ومنازل جميلة تحولت إلى أطلال، وقصور شامخات انحنت أعمدتها بكاء على قاطنيها، ونفوس بشرية حزينة من واقع غير أمني مجهول، من يلملم اليوم تفرقها؟ ومن يجبر كسرها؟، ومن يربت على ظهر أبنائها وجراحهم الذين يعانون الأمريّن الغلاء والجوع، والشتات الفكري، من مستقبل مجهول يرون أبعاده في الحاضر، من يعيد له حنجرة فيروز وهي تصدح «من قلبي سلام لبيروت» ومشاعر نزار قباني « آه يا عشاق بيروت القدامى … هل وجدتم بعد بيروت بديلا … كل قبح فيه قبح فيكم … فأعيدوه كما كان جميلا «. واقع اقتصادي متدهور، وواقع سياسي متذبذب، وواقع معيشي باهظ، وأفكار تسيّر دفة سياستها وفق مصالحها، إنها لبنان التي كانت تشد الأنظار بجمال طبيعتها وخيراتها وخضرتها وجبالها وسهولها وازدحام مقاهيها ومطاعمها، ما أن تتنفس قليلا لتعيش واقعاً من الأمن والسلام والاستقرار حتى تعود أيادي الغدر تعبث بين أوصالها لتعود كما كانت منكسرة مدّمرة تحمل آلامها وخوفها على أكفان الموت الذي ينتظرها، ها هي أحداث مخيم عين الحلوة الأكبر مساحة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان الذي يستخدم كساحة لتصفية النزاعات والحسابات الخارجية على حساب لبنان وأبنائه يشتعل اليوم وتتجدد فيه الاشتباكات، ويتبادل فيه إطلاق النار،، ويبدأ الخوف والحذر من الامتداد في الداخل، ويبدأ النزوح الجماعي، لتعلن بعض الدول كالكويت والمملكة السعودية وألمانيا تحذير رعاياها بالمغادرة، والعودة إلى أوطانهم،،، هكذا تسير الأحداث وتتوارد في لبنان، وطبيعي أن تؤثر تلك الخلافات على الأمن الداخلي السكاني وبناها التحتية واقتصادها وسياحتها، كما هي الأحوال المؤلمة التي مرت بها عند وقوع كارثة الانفجار الذي دوّي بمرفأ بيروت،2022، ونجمت عنه أضرار كثيرة وتدهورت الأزمة السياسية والاقتصادية والعمرانية من سيء إلى أسوأ، وما زالت بيروت تعيش علي وقع هذا الانفجار وذكرياته المؤلمة، ومازال القلق والخوف من أحداث قادمة مباغتة يتوقع حدوثها مع ما يحدث من انقسامات في الداخل ونزاعات حول حدوده. من يسير بين شوارع «السوليدير» الشهير الذي هو مركز للكثير من السياح بمحلاته الراقية ومقاهيه ومطاعمه المزدحمة وجمال بناياته يشعر بالألم، بصمت الأحداث بنيرانها وآلامها على زوايا جدارياتها وشوارعها لا روح ولا حياة، صمت يعم المكان، والأماكن تحنّ لزوارها،، أطلال قائمة وأبواب مغلقة،، كيف غدت اليوم بيروت عروس الشرق الأوسط ووجهة أبنائه؟،، كيف دمرت مبانيه التاريخية والسياحية والاقتصادية، شحّ في الماء والكهرباء والدواء والوظائف ورغيف الخبز،، سنوات من الحرب الأهلية القائمة ما أن تتثاءب من رمادها وتعيش الاستقرار والأمان والبناء حتى تعود للصراعات السياسية والحزبية، التي تحولها كهشيم تذروه الرياح، وتعصف بها التقلبات الإقليمية والدولية والمكونات العرقية والحزبية والدينية لتكون لبنان كما نراها اليوم عليه من الاستشعار بالألم والخوف من مستقبل مجهول، ولكن الارادة اللبنانية الشعبية متى ما وجدت لها جسرا طفيفا من الاستقرار والهدوء تعبره بأمل وطموح وعزيمة من أجل لبنان.. بلد الحب والجمال والسلام والحضارة والأدب والثقافة.