12 سبتمبر 2025

تسجيل

العلم إبداع أيضاً

06 أغسطس 2018

مثلما كان الأدب، حالة إبداعية صرفة، وفيها خيال يتخيل، وموهبة تترجم الخيال إلى كتابة شعرية أو نثرية، ومثلما كان الفن أيضا ويترجم إلى تخطيط بالريشة واللون، لنحصل على لوحة، فإن العلم أيضا وبرغم دراسته الأكاديمية الشاقة، إلا أن من ينتجون الخوارق فيه، ومن يسعون لاكتشاف جزيئيات مادية، وتساهم في خدمة الإنسانية في النهاية، ليسوا دارسين عاديين، بمعنى أنهم لا يكتفون بتحصيل العلم العادي الذي يمنح لهم، ويشغلون وظائف باردة وجامدة، يعملون فيها حتى التقاعد، إنهم يتخيلون ويتخيلون باستمرار، ولن يكتشف أحد مكونات الماء من ذرات الأوكسجين والهيدروجين إلا لو تخيل أن تلك الذرات موجودة في الماء بالفعل، وعمل بجهد على فصلها. لو تأملنا كل الاختراعات المدهشة في حياتنا، الاختراعات التي سهلت حياة البشر، وجعلتها أكثر سلاسة، بدءا من عقار البنسلين الذي اكتشفه فلمنج،، والكهرباء، إلى الأدوية الحيوية التي تسهم في علاج كثير من الأورام، وفي الحفاظ على الأعضاء المزروعة في الجسم، من خاصية رفض الجسم  لها، ومرورا بآلاف الأشياء الأخرى التي لا غني عنها، لوجدنا وراءها مواهب خارقة، وتفكيرا عميقا، وخيالا خصبا غاص فيها مليا وتخيلها بكل ما لها وعليها، وشرع بعد ذلك في تمرير الخيال إلى أنابيب اختباره أو كابلات الاختبار المستخدمة، ليحولها إلى شيء ملموس نافع. كل ذلك يحدث بالموهبة والتخيل والإبداع، وطبعا بعد جرعات العلم المكثفة التي قد يكون نالها أحد أول الأمر، وانطلق بعدها يبحث ويتخيل، ويتخيل ويبحث حتى يصل بخياله، وأبحاثه إلى الحقائق. ولطالما أدهشتني حقائق كثيرة، توصل إليها الباحثون القدماء بلا علم حديث طبعا، وإنما بمواهبهم وتجارب أجروها ونجحت.. مثلا:  تلك المجرات الغامضة، وطرق استكشافها وتأملها واستنباط حقائق علمية منها.. مثلا الجاذبية التي سهلت لقوانين حيوية كثيرا بعد اكتشافها، وأيضا علم مثل التحنيط الموجود عند قدماء المصريين، وربما عند غيرهم من الشعوب القديمة، والذي يحتفظ بالموتى كاملين، بلا تحلل. إنه فعل قوي ضد بكتيريا التعفن، نجح موهوبون في الوصول إليه، وتطور بعد ذلك إلى وسائل التحنيط الحديثة.