21 سبتمبر 2025
تسجيليمكن القول إن مشروع صفقة القرن الذي يستهدف دفن قضية فلسطين؛ والذي بدأت أولى مراحله بنقل سفارة واشنطن لدى إسرائيل إلى القدس وسط صمت من العواصم العربية التي تروج لنفسها على أنها كبرى ومؤثرة يصل إلى حد المباركة، قد كشف المستور من تنامي العلاقات بين تل أبيب وأنظمة عربية جديدة في مقدمتها النظام السعودي الذي ظل يستخدم كل أسلحته المالية والسياسية لتمرير الصفقة المشبوهة، سواء بالترغيب أو الترهيب مع الطرف الفلسطيني. قبل أن تبدو مؤخرا مؤشرات تنصلها من الصفقة. فالثابت أن دعم الرياض للصفقة لم ينبع من فراغ سياسي أو استراتيجي ؛ وهى تروج لها بكل قوة ؛ خاصة وأن الجزء الأخر منها يتضمن تشكيل حلف إقليمي يضم إسرائيل بإشراف أمريكي ، ترى فيه الرياض ضمانة لأمنها القومي؛ وهو ما راح يجري الإعداد له فعليا الآن على الأرض. مظاهر دعم الرياض للصفقة ساطعة سطوع الشمس سواء بالضغوط التي مارستها خلال الشهور الماضية على القيادة الفلسطينية ؛ أو بالتصريحات السياسية التي نقلتها وسائل الإعلام الغربية عن المسؤولين السعوديين‘ ويأتي على رأسها وأخطرها ما نشرته مجلة " ذي أتلانتيك" الأميركية منذ شهور على لسان مسؤول سعودي كبير يقر فيها بحق اليهود في فلسطين ، وبضرورة وجود دولة قوية لهم على أرضها، وهي تصريحات كانت بمثابة الصدمة وأقرب إلى الزلزال السياسي. وهو ما دفع المستشرقة والإعلامية الإسرائيلية شيمريت مئير رئيسة تحرير موقع "المصدر" بأن تشيد بجهود الرياض في تمرير الصفقة، قائلة إن تُقدّم السعودية المقابل العربي لما أسمته التنازلات الإسرائيلية الحقيقية في الملف الفلسطيني، فالتاريخ الإسرائيلي سيذكر للنظام السعودي الجديد معانقته لإسرائيل ويهود أمريكا ودوره المحوري في الصفقة. غير أن ثمة تنصلات ومراجعات من قِبَل بعض الأطراف الإقليمية وخاصة السعودية بشأن ملف الصفقة، وطلبات تأجيل إعلانها من الطرف الأمريكي ؛ تثير تساؤلا كبيرا فحواه :هل نحن أمام يقظة ضمير ومراجعة حقيقية للنفس، أم نحن بصدد تراجع تكتيكي يسعى لامتصاص غضبة الشارع العربي وخاصة الفلسطيني من تداعيات ومخاطر تلك الصفقة المسمومة، أم يمكن أن يفسر في إطار إستراتيجية توزيع الأدوار التي تدمنها كثير من الأنظمة العربية..؟!