14 سبتمبر 2025
تسجيلهل هناك تفسيرعقلاني لما يحدث في العالم العربي اليوم من محيطه إلى خليجه؟ تطالب بالحرية والديمقراطية فيقوى الاستبداد وتنتشر الديكتاتورية، تدعو إلى حكم الشعب والمجتمع المدني فتتقدم السلطة العسكرية وتسيطر على الايديولوجية الدينية! الحالة العقلية وصلت إلى أرذل مراحلها حيث باتت المنافحة لا تتمثل حصرا في الذود عن أنظمة تفترس و تفتك وتدمر في العراق و سوريا عاصمة المواجهة والصمود ضد العدو، بل الدفاع عن العدو والمحتل نفسه، وتبرير وتسويق عدوانه على "الأراضي المحتلة" ومنحه الشرعية السياسية والدينية لكي يقوم بالمزيد من القتل والتشريد؟!الفكر الذي ينتجه العقل العربي كما يصف عبد الإله بلقزيز بأنه يعتمد على العاطفة قبل العقل، والخيال قبل الواقع (الواقع العربي وتكويناته التاريخية والاجتماعية)، ومن اجل ذلك فانه يحتاج إلى تحطيم الأطواق للدخول في فترة جديدة، وتاريخ جديد، لتشكيل خطاب جديد له سماته وركائزه ومكانته وهي الإشكالية التي يعاني منها العقل العربي ولا يستطيع أن يتجاوزها إلى اليوم. ويشير بلقزيز إلى أنّ العقل العربي ليس مقولة فارغة ولا مفهومًا ميتافيزيقيًّا ولا شعارًا أيديولوجيًّا للمدح أو الذّمّ، وإنما هو جملة من المفاهيم والفعاليات الذهنية التي تحكم، بهذه الدرجة أو تلك من القوة والصرامة، رؤية الإنسان العربي إلى الأشياء وطريقة تعامله معها في مجال اكتساب المعرفة، مجال إنتاجها وإعادة إنتاجها ، كما يفككها محمد عابد الجابري. العقل العربي والذي يعبر عنه الخطاب العربي، هو خطاب رد فعل يتعلق بعطب بنيوي تكويني عند بلقزيز، حيث كانت ردة الفعل ممارسة غير حرة، وغير اختيارية جاعلا من الخطاب ذا طبيعة تطرفية (يميناً أو يساراً، انغلاقاً أو انفتاحاً)، خطاب متناقض غير متماسك البنى النظرية، وغير منسجم في إطار المرجعية، خطاب إيديولوجي سجالي الطباع بمواصفات لا تاريخية، لا يعيش تاريخه في ظل ذلك التجاذب والتوتر المستمر؟! لذلك ليس غريبا أن نرى كل هذه التناقضات تحكم العقل العربي وتوجه بطريقة شعورية ولا شعورية! ولا غرابة إذا رأيته ينظر عن مبدأ الحرية والعدالة الديمقراطية في بداية اليوم ويمجد السلطة الديكتاتورية ويمارس الاستبداد في نهايته؟ وانظر إلى الحال في العالم العربي من شرقه إلى غربه لتستنتج أن الاختلاف يكمن تفاوتاً في الكمّ، لا في النوع؟!