17 سبتمبر 2025

تسجيل

وسيشتاق لك القلب يا رمضان

06 أغسطس 2013

لكل فرد منا زاويته التي يطل من خلالها على الحياة، الأمر الذي يجعل زاويته التي تتحكم بنظرته للحياة هي حياته ذاتها؛ لذا كثيراً ما نجد بأن تَقَبُل بعض الأمور يكون عادياً بالنسبة للبعض منا ومعادياً للبعض الآخر، ولرب العباد حكمته في ذلك، ومهما بلغنا من الحكمة والعلم إلا أننا لن نتمكن من التعرف على ما هو أكثر، وإن تفاوتت درجات العلم والمعرفة؛ لنصعد بها إلى الأعلى، ونكتشف معها ما نريد كشفه. لم تكن كلماتي التي بدأت بها مقالي لهذا اليوم من فراغ، ولكنها ما قد كانت مني فجاءت على رأس هذا المقال وطلت منه؛ كي تشهد على ما سيكون من بعدها، وكي يفهم ويتفهم كل من يصرف ذهنه بعيداً عن النقطة التي نسعى إلى التحدث عنها هذه المرة، والتي لن أحسبها المرة الأخيرة، فلاشك الأيام ممتدة وستعود لنا من جديد بـ (رمضان) وبإذن الله تعالى؛ كي نُعمره بأعمال صالحة وعبادات تقربنا إلى الله أكثر وأكثر، فهي هذه الفائدة التي ستجعلنا نشعر باختلاف ما نقوم به كل مرة، فما عشناه وكان منا من قبل لاشك يختلف عن كل ما يكون وسيكون منا خلال الساعات القادمة التي ستشهد الموقف الذي سيشتاق فيه القلب لرمضان، وسيحزن على رحيله بعد أن تحسنت حياته بفضله، وبفضل كل ما جاء به من فضائل أكدها علينا، وغرسها في أعماقنا، حتى شعرنا بأن للحياة لوناً جديداً يجعلها أجمل، خاصة وأنها تصقل وتهذب التفاصيل بشكل مخالف نشعر معه وبه بالاختلاف المطلوب، والذي لا يكون إلا حين نرغب له بأن يكون، بل ونسمح له بذلك من الأصل. حديثنا اليوم وللمرة الأخيرة في هذا العام سيكون عن رمضان، الذي لا يجدر به بأن يرتبط وبمجرد أن نذكره كما يفعل من يفعل بـ (الغذاء)، الذي يرتبط به أصلاً، ولكن بطريقة أخرى تهمس بفرق كبير الحجم وهو أن الغذاء الذي نتحدث عنه هو ما يخص القلب، (نعم) القلب الذي يحتاج لمن يُغذيه كل الوقت بما يُشبعه من لحظات إيمانية تُنشعه وتبقيه على قيد الحياة، دون أن تحرمه منها، فيضعف ويتوتر أمنه وأمانه، وينتهي به الأمر وهو في عداد الموتى، حيث لن يُحاسب نفسه، ولن يَحسِب حساب أحد، ولكنه ودون شك سيُحاسب معك على كل ما سيكون منه، فأنت المسؤول عنه قبل أن يكون كذلك بالنسبة لك، ووحدك من يجدر به توجيهه نحو الغذاء الذي يناسبكما معاً، فينساب وبكل يُسر ودون أن يواجه من العُقد ما يمكن بأن يعقد الأمور أكثر وأكثر. من المفيد لك ولقلبك بأن تُذكره بين الحين والآخر بما أقدمت عليه في حياتك، حيث أن الخضوع لجلسة مُحاسبة ستجعلك تدرك ما قد كان منك من قبل، والجودة التي تتحكم بكل ما قد قدمته، وستُحاسب عليه يوم الحساب، ومع رحيل الشهر الفضيل فأنت بحاجة ماسة؛ لتزويد قلبك بالمزيد من هذا الغذاء؛ كي تستمر بكل خير سيجلب معه كل الخير إن شاء الله. وأخيراً، فلتتذكر بأن العبرة من كل ما قد قيل وما تبقى من الزمن؛ لذا لا تُسلم فتستسلم ولكن تابع وبقوة فأبواب الرحمة والمغفرة لازالت ترحب بمزيد من العبادات، التي نرجو الله بأن يتقبلها منا ومنكم بإذنه تعالى. من القلب وإليه كلها أيام تلك التي سيرحل معها رمضان؛ ليحل علينا وعلى الأمة الإسلامية عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا بكل الخير، وكل ما تحتاجه حين يرحل رمضان ويحل من بعده العيد هو أن تطهر قلبك من كل ما يمكنه بأن يُخفي ملامحه فلا تراه وإن كان فيك؛ لذا فإن كل ما عليك فعله هو تطهيره وتنقيته؛ لتبدأ به صفحة جديدة تبهجك وتُسعدك ومن قبل كل شيء يرضاها الله لك.