28 أكتوبر 2025

تسجيل

أفضل وأغلى يوم في العام

06 يوليو 2022

يوم واحد يفصلنا عن أفضل وأغلى يوم عند الله في أيام العام ألا وهو يوم عرفة (ذلك ومن يعظم شعائر الله) ويوم غد الخميس يصادف يوم الاستعداد للوقوف بجبل عرفة ويسمى بيوم التروية لأداء ركن الحج الأكبر، والذي لا يصح الحج إلا به، في ذلك اليوم الحجاج يكونون في حالة استعداد كبير، عبر التوجه إلى منى، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا اليوم والليلة مهمان جدًا وحاسمان في حياة الإنسان، لأنهما يكون فيهما الاستعداد للقاء الله.. والمغفرة والعتق وإجابة الدعاء، الكثير منا يغفل أهمية الاستعداد لدخول يوم عرفة بأفضل ما يكون، عبر الاستعداد النفسي والروحي حتى يقبلنا الله غدًا ويستجيب دعاءنا، إن الرب – سبحانه وتعالى – يباهي الملائكة بعباده كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول "إن الله – عز وجل – يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً". أيهما أغلى على الله يوم عرفة أم ليلة القدر؟ اليومان غاليان جدًا لدى الله.. عرفة معلن.. وليلة القدر مخفية.. عرفة بنص كلام النبي: "أكثر يوم تعتق فيه الرقاب من النار"، وخير الدعاء دعاء يوم عرفة. يوم عرفة يوم غال جدًا ليس للحجاج فقط، نظرًا لعطاء الله وعتقه، وإجابة الدعاء للجميع، سواء من يقفون على عرفة، أو لا يحجون، وفيه أعظم ست ساعات من أفضل ساعات حياة الإنسان والتي تمتد من بعد صلاة الظهر وحتى مغيب شمس ذلك اليوم، فالأحرى أن نعتكف فيها ونحن صيام ونذكر فيها ونسبح وندعو الله، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده". وهناك علاقة عجيبة بين الذكر والحج.. كل خطوة في الحج معها ذكر، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ﴾.[البقرة: 198- 200]. وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾، وقال- تبارك وتعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:27-28]. كيف تلاقي ربك في هذا اليوم الموعود؟ يجب على كل واحد منا التخلق بخلق التسامح والعفو في هذه الأيام المباركة حتى يعفو عنك الله غدًا في اليوم الموعود، ومناجاة الله بالحمد وكثرة الثناء عليه، لأنه في يوم عرفة سوف يتجلى عليه العفو وإجابة الدعاء. وذلك يكون من خلال الثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته وجميل أفعاله "يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك.. لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وهذه الليلة ليلة مصيرية في العمر، فبعد غد يوم عرفة وهو أهم يوم في الحج بل أهم يوم في حياتك، في هذا اليوم ترجع من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، وغدًا تبدأ بداية جديدة مع الله، وغدًا تهزم الشيطان وتوقف انتصاره عليك، يبدأ الاستعداد ليوم عرفة بالنوم مبكرًا والاستيقاظ قبل الفجر والصلاة في جوف الليل، والإكثار من الاستغفار والتوبة والاستعانة بالله، سبحانه وتعالى، وطلب العون وسؤاله السداد والتوفيق والقبول. كذلك يستحب السحور واستحضار نية الصيام بأن تحتسب على الله أن يكفر عنك ذنوب السنة الماضية والسنة الباقية. فضلًا عن قراءة القرآن والاهتمام بأداء الفرائض في وقتها والحرص على أذكار الصباح والمساء، وفرصة هذا العام أنه صادف يوم الجمعة ويوم عطلة وهو أبرك الأيام. ويستحب أيضًا ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس، ثم صلاة ركعتين فإن لهما "أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة"، وصلاة ركعتي الضحى. كذلك لا تنس الصدقة في هذا اليوم الفضيل بالمال والكلمة الطيبة والابتسامة وإفطار الصائمين. فضلًا عن الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة". فضائل يوم عرفة هذا اليوم شرفه الله وفضله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، إنه اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من النار… اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا… اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعم على المسلمين.. إنه يوم عرفة… يوم التجليات والنفحات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء، اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة، ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً. إنه موقف مصغر من موقف الحشر، حيث يقف الناس في عرفات مجردين من كل شيء، فالكل واقف أمام رب العزة عز وجل. وتتجلى هناك مواقف الإنسانية والأخوة والمساواة، فلا رئيس ولا مرؤوس، ولا حاكم ولا محكوم، ولا غني ولا فقير، ولا أمير ولا مأمور، ولا أبيض ولا أسود ولا أصفر، الكل عبيد لله، الكل يناجي ربه العظيم لينالوا مغفرته ورضوانه. فأين من يتعرضون لنفحات الله تبارك وتعالى؟ أين من يتعرضون لمغفرة الله وكرمه؟ أين من يغتنمون هذا اليوم بالتجارة مع الله تعالى كما يغتنمه أهل الدنيا بتجارة الدنيا؟ هذا يوم عرفة، يوم المغفرة، فإذا كان الحجيج وهم واقفون في عرفات ينعمون برحمات الله تعالى وغفرانه ورضوانه.. فإن أبواب الرحمة والمغفرة والرضوان مفتوحة أمامنا ونحن في بيوتنا باستغلالنا لهذا اليوم بطاعة الله تعالى، فاغتنموا هذه الفرصة العظيمة وعلموا أولادكم فضائل هذا اليوم وعظمته. كسرة أخيرة ونحن نستشعر عظمة ذلك اليوم ونستعد له ولسان حالنا يقول: قد أحرمَ قلبي يا ربي وأتاكَ يهرولُ ويُلبِّي فاجبُرهُ وأطفِئ لهفَتهُ وأعدهُ بلا أدنى ذنبِ قد فاضَ الدمعُ وأغرقني وازداد إلهي بي كربي بالبابِ وقفتُ ولكني لم ألحقْ ربي بالركبِ، وتباهى ربي بجموع جاؤوك فباه بذا الصب، قد لبسوا الإحرام ولبوا،، ولبست رجاءك فارفق بي،، ارحم ضعفي واجبر كسري،، واقبلهم مولاي وقلبي. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]