13 سبتمبر 2025
تسجيلعلى حدّ علمي؛ لم يداعب شاعر مفردة العيد منذ زمن، وظلّت عبارة المتنبي: "عيدٌ بأيّة حال عدت يا عيد"، تهيمن على ذهنية كتاب المقالات والخواطر، وربّما استحضر بعضهم أبياتًا من الكلاسيكية المعاصرة كعبارة إلياس فرحات: "يا عيد عدت وأدمعي منهلّة"، ذلك أنّ الناس تريد أن تنسى في العيد خيبات الحياة، ولكنّ الشاعر السوري عبدالسلام العبّوسي داعب العيد القادم بمكر ودهاء، في أبيات قليلة، كون العيد توقّف عند الحدود السوريّة منذ زمن، فما من بيت إلاّ وفجع بفقد أو تدمير بيت، أو نزوح أو أسر. ففي خمسة أبيات يختصر العبوسي واقع الحال: في العيد عودي ودُقِّي بابنا الخشبي * ما زال في البيت طعمُ السّكَّر الحلبي ما زال في الحائط الشرقيِّ نافــــذةٌ * تُلقي على حزننا خيطًا من الذهـــبِ لا تُفسدي وجعي في العيد صامتةً * أنا الرخيصُ وهذا وجهــــي العربي قولي بأنّكِ بنتُ الريـح والتفـــتي * حيث القلوبُ هنـــــا مثقوبةُ القصبِ لا تفضحيني فما في التوت من ورقٍ * وليس في (بُقجَةِ) العطَّار من سببينتمي العبوسي إلى جيل جديد يحاول أنسنة قصيدة العمود وتقريبها إلى القارئ، بفتح صرّة الشعبي الحميم، والابتعاد عن التفاصح المعجمي، ويدهش القارئ بهذه الالتفاتات التي تؤنس وتبهج، وبرغم قسوة الوضع السوري المندغم بالكارثة، إلاّ أنّ الشاعر يفلح في فتح نافذة للضوء، وهذه مهمّة المبدع الحقيقي الذي يحضّر مفاجآت لقرّائه، وكأنّه أب غائب يخفي في جيبه قطع الحلوى لأولاده المنتظرين في تلك القرى البعيدة.يمكن عدّ هذه الأبيات التي تناقلتها صفحات التواصل الاجتماعي "عيديّة صغيرة" لمتذوّقي الأدب، وأبناء الشتات السوري وهم ينتظرون نهايةَ الكارثة، وهذا ما يفعله الشعر في ليل العرب الطويل. كلّ عام وأنتم بخير.