16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الواجبات التي تنظر - الأفراد والجماعات-كثيرة لا يملك الناس لها عدّا، ومن هنا كان النهوض بهذه الواجبات على وجه التمام والكمال أمرا متعذّرا في حياة الإنسان مهما أوتي من همة وقوة ونشاط. وإدراك هذه الحقيقة (البدهية) أمرٌ ضروريٌ لابد منه لتنظيم أوقاتنا بما يتناسب مع تخيّر واجباتنا الكثيرة المنتَظرة، فالوقت في حياة العقلاء من أهم محددات الأعمال والواجبات، وقد قال العارفون إن العبادات تتفاضل فيما بينها بحسب أوقاتها، فأفضل العبادات في وقت الجهادِ الجهادُ وإن آل إلى ترك الأوراد، وأفضل العبادات في أوقات المسغبة الاشتغال بمساعد المحتاج وإغاثة لهفته، والأفضل في وقت الصلوات المبادرة إليها وإيقاعها على الوجه الأكمل.فالشاهد أن الأعمال لا تعظم عند الله أجرا ولا عند النّاس أثرا إلا إذا وقعت في أوقاتها المناسبة لها، والمتتبّع لتاريخ نهضات الأمم يعلم أنّ الوقت الذي ظهرت فيه وقويت كان عاملا أساسيا وحاسما في نجاحها، فالدعوات لا يقوى عودها ولا تنتشر أفكارها إلا إذا كان الزمان مواتيا لها، وإلا فستظل تلك الدعوات (وإن كانت راقية المبادئ) مجرد أفكار باهتة لا تحرك ساكنا ولا تدب في أوصالها الحياة.إن الوقت الذي نتحرك فيه اليوم يوجب علينا أمران لا بد من تكاملها في أي مشروع نهضوي جاد.الأمر الأول: تحديد واجب الوقت (الأعظم) الذي ينبغي أن تلتقي عليه الجهود وتتآزر، وبدون هذا التحديد فإن كثيرا من أعمار الأمم والشعوب يمكن أن تضيع سدى، تنصرف في قضايا هامشية ليست بذات جدوى، إنّ القيادات التاريخية الفذة التي أحدثت التحولات الهائلة في حياة الشعوب لم تجلى عبقرياتها إلا بعد رسمت لنفسها أهدافا كبرى، عملت لها، وضحت في سبيلها، وجيّشت الأمم والشعوب لمناصرتها، وإن شئت أن تذكر في هذا المقام صلاح الدين الأيوبي أو محمد الفاتح من القيادات الإسلامية فافعل، وإن شئت أن تذكر غاندي أو هتلر فافعل. غير أن العجب لا ينقضي من أحوال زعاماتنا في عالمنا الإسلامي المعاصر أولئك الذين عجزوا عن تقديم مجرد رؤية سياسية ناضجة تحشد من أجلها طاقات الجماهير. وما نقوله عن الزعامات السياسية في وطننا ينطبق بوجه من الوجوه على جماعاتنا الإسلامية التي نعلق عليها آمالا عريضة في دفع مشروع النهضة خطوات إلى الأمام، ولنا ولغيرنا أن يسأل ما هو الهدف الأعظم الذي يمثل الحد الأدنى من قاعدة التعاون والالتقاء بينكم؟أيها السادة إن الوقت الذي نعيشه، والظرف الزماني الذي نتحرك فيه لن يدع لأمة ولا لجماعة لم ترسم أهدافها ولم تعرف حتى اللحظة واجباتها مكانا بين الناس مهما بذلت من جهود.وأما الأمر الثاني الذي يوجبه الوقت الحاضر فهو مراجعة تجاربنا الماضية لنرى ما يصلح منها لزماننا هذا، وما تجاوزه الزمن من أفكار وأساليب ومناهج فليس من الحكمة في شيء التمسك به أو الدفاع عنه.إن الشواهد الواقعية لتنطق بأن الجمود على صور وأشكال وشعارات لا تناسب الوقت ولا تتوافق مع ذائقة العصر أمر مؤذنٌ بالفناء أو الخمول، وإن ظنّه بعضنا ضربا من ضروب الثبات على المبدأ!.