16 سبتمبر 2025

تسجيل

فضل كفالة اليتيم

06 أبريل 2024

التكافل الاجتماعي في الإسلام باب أصيل من أركان هذا الدين، ومكانة الضعيف فقيراً أو مسكيناً أو مريضاً أو مشرداً لها موقعها من الشريعة حتى تقدم أحياناً على بعض النوافل، ومن بين هؤلاء جاء في الشريعة التأكيد على حق اليتيم وهو: مَن مات أبوه وهو دون البلوغ. والمستعرض للقرآن يدرك جلياً تأكيد الإسلام على حق اليتيم قال الله عز وجل: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى). وبين القرآن أن الطبيعة البشرية لا تكرم ولا تهتم بهذه الفئة فقال: {كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}. وكأن القرآن يشير إلى أن هذا هو المعهود في البشر ولا ينبغي أن يكون بين جماعة المؤمنين. لذا جاء عظم حق اليتيم في الشريعة حتى إن تغافل حقوقه يعد تكذيباً بيوم الدين (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} وهي التفاتة عجيبة، لأن من يصدق بالدين لا يفعل هذا الفعل الشنيع. إن الإسلام قد رغّب في كفالة الأيتام ووعد عليها خيراً كثيراً رحمة بهذا اليتيم وبالمجتمع الذي ينشأ فيه، فكان الأجر العظيم أن بشر الكافل بمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السماوات والأرض فقال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا « وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً». وقد قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فلا منزلة أفضل من ذلك. وهذا دليل واضح على أهمية كفالة اليتيم ومكانته الرفيعة في الإسلام. وكيف لا وكفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير،ـ بل هي أحد مفاتيح الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ». ولا شك أن أي كفالة لليتيم مهما كانت مدتها يترتب عليها الأجر العظيم للكافل إذا أخلص النية لله سبحانه. كما أن من عناية الإسلام باليتيم أن جعل المسح على رأسهِ والحُنو عليه مذهبا لقسوة القلب؛ فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-:» أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ». وفي المقابل عليه أن يحذر من التفريط في حقه فإن ذلك من الذنوب العظام الموجبة لدخول النار: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}. هذا في التعرض لمال اليتيم فكيف بمن يتعرض له بالأذى من ضرْبٍ وشتم ونَحوه أشدُّ حرمة، فهذا والله جرمه خطير، فالإسلام حرم إذلال اليتيم أو التَّسلُّط عليْه، أو التَّعرُّض له بشيء يسوؤه بغير حق: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ}.