15 سبتمبر 2025
تسجيلقصة شهيرة قد تكون سمعت بها، عن رجُلٍ رزقه الله تعالى بتسعة من الأبناء وفي المرة العاشرة رزقه الله بابنة فلما علم بما رُزق ضاق به الحال وقال كلمته (يا ليلي الأسود) إشارة إلى ولادة هذه الفتاة. ما زال بعضُنا يعيش للأسف في دائرة الجاهلية ويعتبر قدوم الفتاة أمراً مُعيباً نوعاً ما، وقد يعيش الزوج حالة قلق في بداية مراحل حمّل زوجته إلى أن يُبشر بنوع المولود فإن كان ولداً ففرحٍ وسرور وفخر، وعلى عكس ذلك إن كانت فتاة فقد بُشر بحُزنٍ وأسود وجهه، وهذا من تمكن الشيطان منه فأنساه الحمد على هذه النعمة وهي قدوم المولود. من مساوئ ما يحصل في أيامنا الحالية وخصوصاً في احتفالات الزواج بأن المُهنِئين يدعون لصاحب الحفل بِجُملة "بّكرك ولد" فهل الخير في الولد دون الفتاة؟! فقد قدموا ذنباً في حضور مناسبة هي في أساسها خير. كم من ولدٍ أساء إلى والديه في حياتهما وبعد مماتهما، وكم من ولدٍ وضع والديه في دور الرعاية (دار العجزة). إن الله عز وجل عندما خلق الذكر والأُنثى لم يخلقهما عبثاً ولم يفضل سبحانه أحدهما على الآخر بل جعل لكلٍ منهُما واجباته ودوره في هذه الحياة، ونحن هُنا لسنا في تفضيل أحدهما على الآخر فالأفضلية لِمن أتقى. إن الأبناء البارين بوالديهم هُم من زينة الحياة دون تفريقٍ بين ذكرٍ وأُنثى، وإن الأفضلية بينهما تقع فيمن أصاب البّر قلبه وعمله، وإن الفتاة بالتخصيص هيّ روحٌ للمنزل وهيّ له حياة وطاقة من المشاعر والحنان والأُلفة لوالديها، فهيّ كنزٌ ثمين ورزقٌ كبير، فهنيئاً لمن رُزق بفتاة. فكُل غناءٍ في الأم هيّ فتاة، وكُل طاعة لهن هي بابٌ للجنة، فالسيدات في عالمنا الإسلامي خُلِدن، وفي ذكرِهن حسناتٌ تُكتب وفي محبتهن طاعة تُحسب، سيداتٌ وأُمهاتٌ لنا السيدة خديجة بنتُ خويلد، السيدة فاطمةٌ بنتُ محمد صلى الله عليه وسلم، السيدة عائشة بنتُ أبي بكر رضوانُ الله عليهن جميعا. نعود لقصة الرجل صاحب المقولة، فعندما تقدم به العمر وتمكنت السنين من جسده وأصابه المرض وفقد بصره فلم يجد من يقوم بخدمته، فالأبناء قد انشغلوا في حياتهم الخاصة وأصبحوا قلما يقومون بزيارته، إلا تلك الفتاة فكانت تقوم بواجباتها نحوه وتقوم بخدمته، فسأل الأب يوماً من أنت متعجباً ممن يقوم بخدمته ومراعاته، فقالت أنا ليلك الأسود!. فقال قصيدته المؤلمة ليت الليالي كلها سود.. دام الهنا بسود الليالي لو الزمان بعمري يعود.. لا احبها أول وتالي ماغيرها يبرني ويعود.. ينشد عن سواتي وحالي والا أبد ماعني منشود.. لولاها واعزي لحالي تسعة رجالٍ كِنهُم فهود.. محدٍ تعنى لي وجالي كن الغلا والبِر مفقود.. كلٍ غدا بدنياه سالي ماغير ريح المسك والعود.. بنتي بكل يومٍ قبالي ماشفت منها نقص ومنقود.. تسوى قدر عشرة رجالُ يارب يامالك يامعبود.. تقسم لها الرزق الحلالي صرت بسبايب ليلي محسود.. أثرى الهنا بسود الليالي أخيراً: إن الأُنثى هِبّة وإن الذكر هِبّة فقدروا هِبات ونِعم الله، فإن عدم تقدير النِعم فقدان للرضا وقد يكون تحذيرا لزوالها وبالتأكيد زوال استمتاعك بها. bosuodaa@