11 سبتمبر 2025
تسجيليمكن القول إن رواية عالم ثالثية تفتح مقترحًا جديدًا للرواية العالمية. فقد جاءت الواقعية السحريّة طريقًا جديدًا للرواية في الثلث الأخير من القرن العشرين، واستهلكت أسباب استمرارها، وتناثرت هنا وهناك تجارب كثيرة لم تشكّل ظواهر مؤثّرة، رغم براعة بعض التجارب الفردية كتجربة التشيكي ميلان كونديرا.ولكنّ الروايات الطالعة الآن من فرن الحرب الدائرة تشي بأعمال قادمة قد تشكّل فرصة كبيرة لطريق جديد مؤثر في النصّ الروائي القادم، وهي تجربة رواية الحرب، أو رواية الخراب، التي تتشكّل بهدوء في البلاد التي أثخنتها الحروب من أفغانستان شرقًا، حتى فلسطين غربًا، ففي هذا الشرق الأوسط التّعس، تعاقبت حروب الحداثة (العالمية الأولى، والثانية، والحرب الباردة) وحروب ما بعد الحداثة (غزو أفغانستان والعراق، والحرب في سوريا، وحرب غزّة) ، التي كان لها الأثر – وما زال - الاقتصادي والبشري والاجتماعي والديمغرافي على المشهد العام.في رواية الخراب؛ تتجاوز الأحداث الحدود الضيقة للدول، وتطوف أمكنة بعيدة تحيل إلى أفضية ثقافية واجتماعية مختلفة، تتقاطع حول الحكاية الأولى، التي تنبت في الوطن الذي أمسى خرابًا.روائيون يركضون برئات عدّائي المسافات الطويلة خلف مصائر أبطالهم قاطعين الحدود إلى المنافي الجديدة، في الجيل التالي. وترتّب للعودة وكأنّها ترتّب اللّفة الأخيرة حول المضمار. رواية جديدة تمشي بثبات وثقة وراء الأخبار العاجلة، في البلاد التي تصارعت فيها كل تيارات القدامة والحداثة، في جولات متتالية أخريات الحرب الباردة، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، روايات مكتوبة بخطى رحّالة ودموع شعراء العصر الجاهلي وهم يبكون الأطلال. روايات قادمة من أفغانستان والعراق وفلسطين وسوريّا مؤخرًا، تقف على طلليات البلاد الخراب، وترث مسؤولية الشعر الذي عبّر عن تلك البلاد مطلع القرن الفائت، رواية مرشّحة لتكون ظاهرة تستغرق العالم وتغمس أداتها في وجع الحرب النازفة إلى أجلٍ غير معلوم.