18 سبتمبر 2025
تسجيلتتميز موازنة قطر للسنة المالية 15-2014 بكونها الأكبر في تاريخ البلاد من جهة وتركيزها على التنمية من جهة أخرى. فمن شأن الصرف على المشاريع التنموية تعزيز فرص تحقيق نسب نمو تتناسب والرغبات الاقتصادية. بداية يلاحظ تسجيل نسب نمو طبيعية بالنسبة للإيرادات والنفقات على حد سواء، وتحديدا 3.5 في المائة و3.7 في المائة على التوالي. تعتبر نسب النمو هذه طبيعية وتعكس واقعية تقديرات المالية العامة للسنة المالية الجديدة. بالدولار الأمريكي، تقدر الإيرادات والمصروفات بنحو 62 مليار دولار و60 مليار دولار على التوالي ما يعني افتراض فائض وقدره مليارا دولار. بيد أنه يعتقد بأن الموازنة سوف تسجل فائضا أعلى بالنظر لافتراض رقم محافظ لبرميل النفط أي 65 دولارا للبرميل. الأسعار السائدة في الأسواق العالمية في الوقت الحاضر في حدود 100 دولار للبرميل. وهذه هي المرة الثالثة على التوالي والتي يتم من خلالها افتراض متوسط سعر 65 دولارا للبرميل أي في حدود ثلثي السعر الفعلي السائد في الأسواق. وهذا يعني استمرار تبني سياسة مالية محافظة كخيار إستراتيجي. 9% فائض الموازنة وحسب تقرير يعود لوكالة رويترز للأنباء، ربما شكل فائض السنة المالية 14-2013 نحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ما يعد إنجازا بما هو سائد في العالم، حيث يعد العجز سيد الموقف. وعليه، لا يمكن استبعاد تحقيق فائض في حدود 17 مليار دولار في السنة المالية المنتهية.يشار إلى أن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي يلزم الدول الأعضاء بتقييد العجز عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. طبعا، الحديث فيما يخص المالية العامة في قطر هو إمكانية تحقيق فائض وليس عجزا.وخيرا فعلت الحكومة بتوجيه الزيادة المسجلة في النفقات العامة لخانة المشاريع التنموية. فقد تم تخصيص 24 مليار دولار للمشاريع الرئيسية بزيادة قدرها 16.8 في المائة. وهذا يعني بأن المشاريع الرئيسية تشكل 40 في المائة من مجموع النفقات العامة وهي من الحالات غير المعتادة للمالية العامة بين دول المنطقة حيث التأكيد على المصروفات الجارية. وفي كل الأحوال، يتوقع أن تتجاوز قيمة المشاريع المزمع تنفيذها في غضون 5 سنوات حاجز 182 مليار دولار. أيضا، يعد هذا المبلغ ضخما قياسا بما هو سائد بين الاقتصادات الإقليمية ويعكس الآفاق العالية للاقتصاد القطري.فمن شأن الصرف على المشاريع التنموية ضمان تسجيل نسب نمو راقية للناتج المحلي الإجمالي وما لذلك من تأثيرات إيجابية على أمور مثل خلق فرص عمل سواء للمواطنين أو الوافدين. تتميز نفقات المشاريع بتدويرها الأموال داخل الاقتصاد المحلي عبر ما يعرف بمتغير الدخل. تترك النفقات تأثيراتها على مختلف المرافق الاقتصادية مثل البناء والسياحة، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي.ولا بد من التأكيد بأن الرقم 182 مليار دولار لا يشمل مشاريع النفط والغاز أو مشاريع القطاع الخاص. وهذا يعني أن قيم المشاريع التنموية الرئيسية هي أعلى، ومؤكداً تتجاوز حاجز 200 مليار دولار، متخطيا بعض الشيء حجم الناتج المحلي الإجمالي القطري في الوقت الحاضر.المشهور عن مستثمري القطاع الخاص تأثرهم بتوجهات الدولة، ومؤكداً تعتبر هذه الصفة إيجابية بالنسبة لقطر نظرا لالتزام الدولة بضخ أموال ضخمة في الاقتصاد المحلي. بمعنى آخر، من شأن رفع مستوى مصروفات القطاع العام تعزيز الثقة لدى القطاع العام حيال الآفاق الاقتصادية للبلاد وعليه المضي قدما في تنفيذ مختلف أنواع المشاريع.تشكل النفقات العامة قرابة ثلث الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني عدم مزاحمة القطاع الخاص. قطعا ليس من المناسب أن يكون تواجد القطاع العام في الاقتصاد المحلي على حساب مستثمري القطاع الخاص عبر التنافس للحصول على التمويل من البنوك على سبيل المثال. لحسن الحظ، تأتي الزيادة المحدودة أصلا في النفقات العامة في ظل غياب شبح التضخم. وكنا قد سمعنا من خلال زيارة لنا لمقر صندوق النقد الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن في شهر فبراير توقع الصندوق بحصول تراجع لأسعار بعض المنتجات التي تستوردها دول مجلس التعاون الخليجي ومنها قطر.بالعودة للوراء، خاض الاقتصاد القطري تجربة التضخم المستورد ما بين 2007 و2008 في ظل ضخامة أسعار النفط بالتوازي مع تدني قيمة الدولار وارتفاع أسعار بعض المنتجات المستوردة. مؤكدا، سوف تساهم النفقات المرتبطة بأكبر موازنة عامة في تاريخ قطر بإفساح المجال أمام أداء أفضل للاقتصاد القطري. حقيقة القول، يتمتع الاقتصاد القطري بدور ريادي أصلا بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في العديد من المؤشرات الحيوية، خصوصا التنافسية. مؤشر التنافسية الاقتصادية: يشار إلى أن قطر كانت قد حققت أفضل مرتبة بين الدول العربية قاطبة على مؤشر التنافسية الاقتصادية للعام 2013 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، بحلولها في المرتبة رقم 13 عالميا بعد سويسرا وسنغافورة وفنلندا وألمانيا والولايات المتحدة والسويد وهولندا وهونج كونج واليابان وبريطانيا والنرويج وتايوان.يتميز تقرير التنافسية الاقتصادية باعتماده منهجية خاصة تتمثل في جمع معلومات عامة إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال، إذ يتم ترتيب الاقتصادات على أساس النتائج التي تحصل عليها في المؤشر المكون من سبع نقاط. يعتمد المؤشر على 12 متغيرا موزعا على ثلاثة محاور رئيسية، وهي أولا الركائز الأساسية وثانيا محفزات الكفاءة وثالثا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصادي الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. كما يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. فضلا عن ذلك يتضمن محور التطور والابتكار ركيزتي تطور الأعمال والابتكار. الأمل كبير بمساهمة الموازنة العامة الجديدة في تحقيق الآمال الاقتصادية لقطر.