13 سبتمبر 2025

تسجيل

دروس بورخيس

06 مارس 2018

من الأشياء المهمة التي ذكرها الكاتب الأرجنتيني المخضرم: ألبرتو مانغويل في كتابه الصغير الرائع: مع بورخيس، الذي تحدث فيه عن الفترة التي قضاها مع ساحر القصة الكبير: خورخي لويس بورخيس، يقرأ له الكتب بسبب فقدانه البصر، أن الكاتب الكبير كان طوال حياته، يقرأ بلا أي تمييز، يقرأ لمشاهير الكتابة في العالم ومغموريها على حد سواء، ولا يستحي أن يستعين برأي لكاتب لا يعرفه أحد، وأن يشيد بكتابة شخص اخر، مقدما إياها على كتابته الشخصية، ويمكن أن يشترك مع كاتب صغير وغير معروف، في صياغة عمل شعري أو درامي، وممكن جدا أن يقضي أمسيات طويلة، يناقش أفكارا معينة مع كتاب، هو أستاذ لهم. وفي الفترة التي فقد فيها بصره، تحول إلى قارئ أكثر نهما، يحاول مطاردة المعرفة عن طريق أصدقاء يأتون إلى شقته، ليقرأوا له ما قد يكون ضروريا. هنا بالتحديد، ألتفت إلى ذلك التقدير العظيم الذي كان يكنه بورخيس للمادة الإبداعية بغض النظر عن كاتبها، ما جنسيته؟، وكم عمره؟، وهل له قاعدة قرائية عريضة، أم لا؟، إلى آخر تلك المعوقات التي نلاحظها في تصرفات كثير من الكتاب والقراء. فبعض الكتاب المعروفين مثلا، لا يقبلون على الإطلاق أن يستضافوا في ملتقيات يشاركهم في إحيائها كتاب مبتدئون، ودائما ما نجد أن الكتاب المبتدئين، يحاولون اللجوء إلى من سبقوهم من أجل اكتساب الخبرة أولا، ومن أجل البحث عن المساندة المعنوية ثانيا، لكن نادرا ما نجد كاتبا موهوبا، أمسك بعصا مساندة مدها كاتب قديم، وعبر بها إلى الانتشار، لأن من النادر أن تمتد له العصا أصلا. وفي ساحات القراءة، كذلك يصبح النقد قاسيا جدا ومتطاولا، إن طال عملا غير متقن لكاتب معروف، وبقلم شاب لا يعرفه أحد، فلن يغفر الكاتب ذلك، بينما كان بورخيس يرحب بما يقال عن نصوصه سلبا أو إيجابا.