03 نوفمبر 2025

تسجيل

التجربة البرازيلية

06 مارس 2013

"لقد قدمت المدن الأخرى عروضاً بينما قدمنا قلبا وروحا"، جاءت هذه الكلمات المؤثرة على لسان "لولا دا سيلفا" "2003 — 2010" رئيس البرازيل الخامس والثلاثين وهو يبكي، بمناسبة حصول بلاده على تنظيم أهم حدثين رياضيين في العالم وهما بطولة كأس العالم التي ستقام العام القادم 2014، بعد منافسة قوية مع الولايات المتحدة والتي كان يتزعم حملة الترويج لها الرئيس اوباما بنفسه، بالإضافة إلى الألعاب الاولمبية في 2016، التي فازت بها ريو دى جانيرو بعد منافسة قوية مع مدريد لتكون بذلك أول دولة في أمريكا الجنوبية تقام بها الاولمبياد في التاريخ. حتى عقد الثمانينات من القرن كانت البرازيل عاجزة عن سداد ديونها الخارجية وفاقدة السيطرة على التضخم في الأسعار التي ارتفعت بمعدلات جنونية. ومع نهاية العام الماضي أعلنت البرازيل رسميا أنها أصبحت سادس اكبر اقتصاد على مستوى العالم متقدمة بذلك على بريطانيا. الدولة التي تميزت بمساحتها الشاسعة وعدد سكانها الكبير بالفساد والاستبداد والشمولية والبؤس والفقر والجريمة، وحيث تختلط فيها ناطحات السحاب مع عشش الصفيح، صارت تحتل المراتب المتقدمة عالميا في مؤشر الثقة والبيئة الآمنة للاستثمار الأجنبي المباشر، استطاعت التحول من نظام ديكتاتورية عسكرية، إلى ديمقراطية برلمانية. البيان رقم واحد الذي طرحه الرئيس البرازيل "لولا" تمثل في الصراحة والمكاشفة، وأعلن أن سياسة التقشف هي الحل (وليست شعارات الإخوان والسلف والقوميين والليبراليين والفلول) وهي العلاج الأمثل لمعالجة مشاكل الاقتصاد، خفض عجز الموازنة، وطلب وهو ابن الطبقة الكادحة، والذي توقف عن التحصيل الدراسي في السنة الخامسة من التعليم الأساسي بسبب الفقر الشديد والظروف الصعبة التي كانت تمر بها عائلته، من الطبقات الفقيرة قبل الغنية دعمه والصبر وشد الحزام وتطبيق هذه السياسات، ونجح بسبب شعبيته ونجاحاته المتتالية. لقد اثمرت برامج "لولا" في تغيير مصائر الكثيرين وانتقلت ملايين الأسر من منطقة الفقر المعدم إلى الطبقات الوسطى الجديدة. والخلاصة لكي تخرج "دول الربيع العربي وملاحقاتها" من الأيديولوجيات والعصبيات واليقينيات المطلقة يجب أن تحول بوصلتها نحو البرازيل لكي تستفيد وتتعلم التجربة بكل حذافيرها التي استطاعت فيها هذه الدولة اللاتينية أن تحقق معجزات أرضية في عصر انتهاء المعجزات السماوية!