16 سبتمبر 2025
تسجيليتوقع أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي نحو 1.1 تريليون دولار في نهاية 2011 مقارنة مع 993 مليار دولار في 2010 ما يعد إنجازا تاريخيا. هذا تحديدا ما كشفه تقرير حديث أصدره صندوق النقد الدولي والذي ربط الأمر لأسباب واقعية وهي تعزيز النفقات الحكومية وارتفاع أسعار النفط والطاقة الإنتاجية. في المقابل، تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج حوالي 20 في المائة في 2009 بسبب بعض التطورات السلبية في القطاع النفطي نتيجة تصدع الثقة في الاقتصاد العالمي على خلفية الأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة ومن ثم الدول الأخرى في النصف الثاني من 2008. بالعودة للوراء، هبطت أسعار النفط من 147 دولار للبرميل في يوليو من العام 2008 إلى أقل من 40 دولار للبرميل في الربع الأول من 2009. بيد أنه عاودت أسعار النفط للارتفاع في 2010 نظرا لعودة الثقة بشكل تدريجي لكن مستمر على خلفية الخطوات التحفيزية لمجموعة العشرين والمتمثلة في تعزيز الإنفاق. كما واصلت أسعار النفط زحفها للأعلى في الربع الأول من العام الجاري لأسباب تشمل اضطراب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وليس آخرها الأحداث في ليبيا والتي تمتلك أهمية خاصة كونها دولة عضو في منظمة أوبك. مؤكدا سوف تتمكن دول مجلس التعاون بشكل عام الاستفادة من حالة ارتفاع الأسعار كونها افترضت متوسط أسعار محافظة للنفط عند إقرار الموازنات العامة. على سبيل المثال، تبنت الجهات الرسمية متوسط سعر للنفط قدره 58 دولارا للبرميل لموازنة 2011 مقارنة مع 50 دولارا للبرميل في 2010 فضلا عن 45 دولارا للبرميل في كل من 2009 و2008. ورغم زيادة متوسط السعر لكنه يبقى غير واقعي بالنظر للظروف الحالية حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط السعر ما بين 85 و90 دولارا للبرميل مع نهاية العام 2011. وجاء ارتفاع أسعار النفط في الوقت المناسب للسلطنة في ضوء تنامي الإنتاج النفطي من 760 ألفا يوميا في العام 2008 إلى 810 آلاف يوميا في 2009 وصولا إلى 896 ألف برميل في 2010. وتأتي هذه الزيادة المستمرة كثمار للجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج النفطي وتتويجا لمنح امتياز في 2005 لتحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال لزيادة إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا الى150 ألفا يوميا في غضون خمس سنوات عن طريق استثمار مبلغ قدره ملياري دولار. بل يعد توقيت فرضية ارتفاع مستوى دخل الخزانة مناسبا بالنظر للتجربة التي خاضتها السلطنة مؤخرا حين خرج المئات لشوارع صحاري إلى الشمال من العاصمة للمطالبة بوجود حلول للظروف المعيشية خصوصا إيجاد فرص عمل تتناسب وتطلعاتهم فيما يخص النوعية والعائد. ويمكن اعتبار توجه السعودية لزيادة إنتاجها اليومي من النفط الخام في خضم الاضطرابات السياسية والأمنية في المنطقة مثالا على ما جاء في تقرير الصندوق حول أسباب تحسن الحالة الاقتصادية لدول مجلس التعاون. وقد حلت فرصة زيادة الإنتاج النفطي مع ارتفاع أسعار النفط الأمر الذي يسمح للسعودية بتعزيز مستوى دخل الخزانة العامة وبالتالي القدرة على صرف المزيد من الأموال الأمر الذي يخدم تحقيق أهداف خطة التنمية التاسعة في السعودية للفترة ما بين 2010 حتى 2014. وكانت السلطات السعودية قد كشف عن الخطة في العام الماضي حيث تبلغ قيمتها 385 مليار دولار. يزيد هذا الرقم بنحو ثلثي نفقات الخطة الخامسة ما يؤكد نية الجهات الرسمية بتحقيق نتائج نوعية في فترة قياسية. كما تتميز الخطة الجديدة بتخصيص أكثر من نصف مخصصاتها للإنفاق على القوى العاملة والتعليم والتدريب. وبشكل أكثر تحديدا، تم تخصيص 50.6 في المائة من النفقات لقطاع تنمية الموارد البشرية و19 في المائة لقطاع التنمية الاجتماعية والصحة فضلا عن 15.7 في المائة لقطاع تنمية الموارد الاقتصادية و7.7 في المائة لقطاع النقل والاتصالات إضافة إلى 7 في المائة لقطاع الخدمات البلدية والإسكان. عودة للنقطة الأساسية للمقال، يضيف وصول حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي مستوى 1.1 تريليون دولار أهمية عالمية إضافية لاقتصاديات الدول الست. حقيقة القول، يحتل الاقتصاد السعودي المرتبة رقم 21 على مستوى العالم بالنسبة لحجم الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني بأن الاقتصاد السعودي أكبر من اقتصاديات العديد من الدول الأوروبية بينها النرويج والنمسا وفنلندا فضلا عن الأرجنتين. مؤكدا، تتمتع اقتصاديات دول مجلس التعاون بمزايا مختلفة تجعلها محط أنظار العالم، حيث يشكل الإنتاج النفطي الخليجي نحو 23 في المائة من الإنتاج العالمي للنفط الخام وهي نسبة مؤثرة. كما تسيطر دول الخليج على أكثر من 40 في المائة من الاحتياطي النفطي المكتشف. تأتي السعودية في المرتبة الأولى عالميا من حيث تصدير النفط الخام فضلا عن الاحتياطي المكتشف لهذه السلعة الإستراتيجية. كما يشكل إنتاج الغاز في دول مجلس التعاون قرابة 10 في المائة من مجموع الإنتاج العالمي. بل من المنتظر أن تلعب دول الخليج دورا أكبر في السنوات القادمة وذلك على خلفية الاستثمارات في قطاع الغاز خصوصا في قطر. تعتبر قطر ثالث أكبر مصدر لاحتياطي الغاز في العالم بعد روسيا وإيران. تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد أن نجحت بتخطي اندونيسيا. حديثا، تم الكشف عن ارتفاع مستوى الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال من 54 إلى 77 مليون طن متري والذي بدوره مخصص بشكل كامل تقريبا للتصدير.باختصار، هذا هو العصر الذهبي لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي.