11 سبتمبر 2025
تسجيلالبعض يظن أن الفشل هو أسوأ شيء قد يمر به الإنسان. الحقيقة أنه ليس الفشل ولكنه الخضوع والاستسلام والإحباط بعد الفشل. الفشل في نفسه لم يكن يوماً شيئاً سيئاً أو عدواً للمبدعين. لو كان كذلك لما كان هناك الكثير من المبدعين اليوم، فمعظم الأعمال العظيمة لم تبدأ بأول محاولة أو انتهت في محاولة وحيدة. ولكنها كانت نتاج العديد من المحاولات والكثير من الفشل والاستمرار والسعي والرغبة في تحصيل عمل رائع ومستقبل مبهر. هناك فريق يجعل فكرة الفشل مانعا يعوقه عن القيام بكل خطوة أو عمل عندما يكون أحد الاحتمالات الفشل الذريع، فلا يقوم بهذا العمل أو ذاك. وهناك فريق آخر لا يجعل فكرة الفشل توقفه عن العمل الذي يريد القيام به سواء كان بدء شركة جديدة أو الاستقالة من الوظيفة أو الانضمام إلى نادي قراءة أو محاولة تعلم حرفة جديدة. هذا الفريق يقوم بالعمل الذي يريده ولكنه يقوم به وفزاعة الفشل خلفه وفوق رأسه، فهم سيكتبون الرواية، ولكنهم سيكتبونها ورأي المجتمع نصب أعينهم.. سيبدأون شركة جديدة ولكنهم سيحتفظون بوظيفتهم الأصلية.. سينضمون إلى نادي القراءة ولكنهم لن يشاركوا فيه مشاركة فعالة.. سيحاولون تعلم حرفة جديدة، ولكنهم سيبقون طوال أعمارهم في مرحلة التعلم خوفاً من الانطلاق لأبعد من ذلك ومن ثم الفشل. وهناك الفريق الثالث الذي يبدأ ويرسم ويخلق وينتج ويفعل دون أن يخاف خوفا مشلاً أو مقعداً من الفشل.. هذا الفريق هو الفريق الذي يغيّر العالم. عندما طُرد ستيف جوبز من آبل في الثمانينيات من الشركة التي بدأها وكبرها لم يستسلم أو يفقد الأمل ويعترف بفشله، بل ذهب وأنشأ شركة نيكست لمنافسة آبل، وأدارها حتى اليوم الذي خسرت فيه شركة آبل وطلبت رجوع ستيف جوبز إليها. عندها استحوذت آبل على نيكست ورجع جوبز لشركته التي أسسها. هذه ليست دعوة إلى التهور والإقدام الأعمى. ولكنها دعوة إلى التفكر وحساب المخاطر بشكل عقلاني ومنطقي وعدم الانصياع وراء هواجس الفشل ووسواسه وسيناريوهات الفشل، لأنها لا تنتهي ولا حدود لها. هناك دائماً احتمال للفشل في كل شيء جديد نقوم به فاحسبوا احتمال الفشل، فإذا كان في نطاق النسبة المعقولة افعلوا الأمر ولا تخافوا الفشل، بل اجعلوه حافزاً لكم، تتعلمون منه ويحسّن من تجاربكم، فمثلاً لو صنعتم عملا فنيا ولم يحصد أي إعجاب أو تلقى رفضاً، اجعلوا الرفض بوصلة لكم عند القيام بعمل فني جديد بحيث إنكم لا تعيدون أخطاءكم الأولى أو أنكم تسمعون الصديق الذي نصحكم في العمل الفني الأول وأهملتم كلامه. في كتاب (شركة الإبداع) تتناول ايمي والس وأيد كاتمل رئيس شركة بيكسار، نجاح الشركة الكبير في بداياتها وأنه وبسبب ذلك، كان الكثير من الموظفين يخافون من الفشل وبالتالي يخافون من إطلاق العنان لأفكارهم وإبداعهم لأن الشركة كانت معتادة على النجاح، وبالتالي كانت هناك ثقافة سائدة - وإن كانت غير مُقالة - بأنه لا يجب أن يكون هناك فشل في الشركة. ونتيجة لذلك، اضطروا في إدارة بيكسار إلى عقد الاجتماعات والمناقشات اليومية حتى لا يخاف الموظفون من طرح الأفكار الجديدة ويقوضون حاجز الخوف من الفشل. الفشل هو عدم الفعل أما أن يقوم المرء بفعل أو عمل ما ولا ينجح فيه، فهذا ليس فشلاً، بل محاولة. الفشل هو الاستسلام.. هو الخضوع للإحباط.. هو عدم المحاولة وتبرير ذلك. ومن يخاف الفشل لا يفعل وإن فعل، يفعل فعلاً ناقصا. وذلك هو الفشل الحقيقي.