03 نوفمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد المصري يعاني صعوبات جمة

06 فبراير 2011

يعاني الاقتصاد المصري من صعوبات متنوعة لا تقتصر على البطالة والتضخم والمديونية، بل هناك أوجه قصور بدليل عدم تحقيق مصر لنتائج إيجابية على بعض المؤشرات الدولية الحيوية التنافسية الاقتصادية ومدركات الفساد فضلا عن محدودية القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ابتداء، تعتبر البطالة مشكلة رئيسة في مصر حيث تبلغ نحو 10 في المئة حسب الإحصاءات لكن أعلى من ذلك استنادا لمصادر أخرى، بل لا تشمل هذه الإحصائية نواقص أخرى مثل استعداد الكثيرين بالعمل في وظائف تقل عن مستوياتهم العلمية والعملية لكنهم لا يجدون بدا من قبولها لضمان تأمين لقمة العيش لهم ولأحبتهم. حقيقة القول، تعاني مصر من حالة بطالة في الوقت الذي تشكل فيه القوى العاملة نحو ثلث السكان وهي نسبة متدنية قياسا بما هو سائد في العالم، بل نصف ما عليه الحال في الولايات المتحدة. وليس من المستبعد تفاقم الأزمة في المستقبل المنظور نظرا لأن ثلث السكان هم دون سن الخامسة عشرة، ما يعني دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل بحثا عن وظائف تتناسب وتطلعاتهم.كما يواجه الاقتصاد المصري ديونا تبلغ نحو 30 مليار دولار. من الناحية الإحصائية، يعتبر هذا المستوى من المديونية في حدود السيطرة كونه يشكل نحو 6 و13 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي حسب مفهم القوة الشرائية وبالأسعار الجارية، على التوالي. وربما يكمن السبب الرئيس للمديونية غير المرتفعة إلى صعوبة حصول مصر على مصادر تمويل دولية بسبب معضلة الثقة. بيد أنه تعاني السلطات المصرية من صعوبات في تأمين العملات الصعبة لدفع خدمة الدين فضلا عن أصل الدين. وفي هذا الإطار، تعتمد السلطات المصرية على عائدات القطاع السياحي والتي بلغت 13 مليار دولار في العام 2010. أما المصدر الآخر فهو تحويلات العمالة المصرية والتي تبلغ نحو 8 مليارات دولار سنويا. ويشار إلى تعرض هذين المصدرين لانتكاسة بعد المظاهرات التي اندلعت في أرض الكنانة مطالبة برحيل نظام الرئيس حسني مبارك. وللأسف، تعرضت الملاءة المالية المصرية لمشكلة جديدة الأسبوع الماضي بعد قيام كل من مؤسستي موديز وستنداد أند بور وبشكل منفرد بتخفيض المستوى الائتماني على خلفية المظاهرات التي اجتاحت البلاد. بل هددت ستنداد أند بور والتي خفضت الدرجة الائتمانية لمصر من (بي زائد) إلى (بي بي) بإجراء تخفيض إضافي في غضون ثلاثة شهور.كما هناك معضلة التضخم والتي تم تقديرها بنحو 13 المئة في العام 2010 ومؤكداً أنها تفاقمت بعد اندلاع الأزمة الداخلية بسبب النقص في المواد التموينية وتراجع قيمة الجنيه المصري، يعتبر التضخم أكبر عدو لأي اقتصاد لأنه يعكس عجز السلطات على تبني سياسات اقتصادية سليمة، بل تعاني مصر من الثنائي الخطير أي التضخم والبطالة ما يشكل تهديدا للسلم الاجتماعي.من جهة أخرى، لا تمنح غالبية المؤشرات الدولية درجات متميزة للاقتصاد المصري لأسباب موضوعية، على سبيل المثال، حصل الاقتصاد المصري على المرتبة رقم 81 من بين 139 اقتصادا مشمولا في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2010. يتمتع تقرير التنافسية بشهرة عالمية نظرا لجهة الإصدار أي المنتدى الاقتصادي العالمي ومقدره مدينة دافوس السويسرية، ويلاحظ أن ترتيب الاقتصاد المصري حل خلف بعض الاقتصادات الإفريقية غير المتميزة مثل رواندا وبتسوانا. كما تتأخر مصر في تقرير مدركات الفساد والذي تصدره منظمة الشفافية الدولية والذي يقيس مستوى الفساد في المعاملات الرسمية استنادا لدارسات ميدانية تنفذها مؤسسات مرموقة مثل مجموعة الإيكونومست البريطانية والبنك الدولي ودار الحرية ومؤسسة البصيرة العالمية وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الإفريقي، وقد حصلت مصر على المرتبة 98 من بين 178 مشمولا في التقرير. وقد جمعت مصر على 3.1 من النقاط على المؤشر المكون من 10 نقاط، تعتقد المنظمة أن المطلوب من أي دولة لم تجمع 7 نقاط تنفيذ إصلاحات إدارية ومالية شاملة. تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية، مؤكدة بأن بين عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. في المقابل، حافظت قطر على موقع الصدارة على مؤشر مدركات الفساد بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 19 عالميا. وقد جمعت قطر 7.7 من النقاط الأمر الذي يجعلها في مصاف الدول غير المطالبة بإجراء تغييرات نوعية في أطرها التشريعية. إضافة إلى كل ذلك، واجهت مصر في الآونة الأخيرة صعوبات في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي بدورها تعتبر دليلا على مدى اقتناع المستثمرين الدوليين بالاستثمار في أي بلدا ما، كما تتميز هذه الاستثمارات والتي تشمل المصانع ببقائها في البلدان خلاف الاستثمارات في البورصات والتي تعد مهيأة للمغادرة في أي لحظة. فقد كشف تقرير الاستثمار العالمي للعام 2010 الصادر من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد بتراجع قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لمصر من 11.6 مليار دولار في العام 2007 إلى 9.5 مليار دولار في 2008 ومن ثم 6.7 مليار دولار في 2009. يعد هذا المستوى من مقارنة مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي والتي بلغت 35.5 مليار دولار في السعودية و8.7 مليار دولار في قطر في العام 2009 وهي آخر سنة تتوافر حولها هكذا إحصاءات. مؤكدا، بعد نحو ثلاثة عقود في السلطة، لم ينجح حسني مبارك بقيادة الاقتصاد المصري إلى شاطئ الأمان.