11 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تمزحن بما كرهتَ فربّما ... ضرب المزاح عليك بالتحقيق

06 يناير 2016

العرب تقول: "البلاء موكل بالمنطق". ويعنون بذلك؛ أن الكلام الذي لا خطام له مورد للهلكة، وأن المرء عليه تحري ما يتفوه به، فليقل خيراً أو ليصمت.. يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "لا تستشرفوا البلية، فإنها مولعة بمن تشرف لها". وقال الشاعر العربي صالح بن عبدالقدوس: لا تنطقنْ بمقالةٍ في مجلسٍ ... تخشى عواقبَها وكن ذا مَصْدقِ واحفظْ لسانكَ أن تقولَ فتبتلى ... إِن البلاءَ موكلٌ بالمنطقِوعن عبدالله بن مسعود أنه قال: إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا، فَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ قَتْلَ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، وَاللَّهِ لأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتْلَ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، قَالَ: "اللَّهُمَّ افْتَحْ" ، وَجَعَلَ يَدْعُو، فَنَزَلَتْ آيَّةُ اللِّعَانِ؛ فَابْتُلِيَ بِهِ الرَّجُلُ بَيْنَ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلاعَنَا". وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، وكان النبي إذا دخل على مريض، قال: "لا بَأْسَ.. طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" ؛ فَقَالَ الرجل: قُلْتَ طَهُورٌ! كلا ، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَنَعَمْ إِذن. فالأول ابتلي بما ذكر، وكان يسعه الصمت، والثاني لم يقبل دعاء رسول الله، فقال بلسانه ما وجده أمامه. ومن تأمل التاريخ جيداً وجد كثيرا من المواقف تدلل على أن البلاء موكل بالكلام، ومن ذلك ما قاله المؤمل الشاعر، في امرأة من "الحِيرة" كان قد تعلق بها: شفَّ المُؤمِّلَ يومَ الحِيرةِ النَّظرُ ... ليتَ المؤمِّلَ لم يُخلقْ لهُ بصرُومجنون ليلى يقول: فلو كنتُ أعمى أخبِطُ الأرضَ بالعصا ... أصمَّ فنادتْني أجبتُ المنادِياعمي المؤمل، وكذا مجنون ليلى، فكلاهما وقع له ما تفوه به.