10 سبتمبر 2025
تسجيلخلال الشهر الماضي ومنذ السابع من أكتوبر 2023، والتفات العالم إلى ما يحدث في غزة وإسرائيل الصهيونية، والكثير يتساءل: لم لا يهتم الناس بإيقاف المجزرة في غزة؟ لم لا تتحرك الدول وخاصة الغربية، لتواجه إسرائيل الصهيونية؟ لم تمر صور الأطفال القتلى والجرحى والهلعين أمامهم مرور الكرام! بل ان البعض منهم يصل به الحال إلى عدم تصديق هذه الصور وتكذيبها! هل هو الضمير المنعدم؟ أم الإنسانية الميتة للعالم؟ لم غاب النواح الغربي الذي شاهدناه عندما غزت روسيا أوكرانيا؟ هل هي عنصرية مقيتة تجاه العرب والمسلمين فقط أم إن الأمر أكبر من ذلك؟ أجوبة هذه التساؤلات لا يكفيها مقال واحد، ولكني سأحاول أن أتناولها باختصار في مقالي هذا. حاول اليهود - ونجحوا نوعاً ما - منذ قرون في تحسين صورتهم أمام العالم، وصرفوا من أجل ذلك الكثير من الأموال، وتوغلوا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والإعلامية والاكاديمية في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية بل وإنهم نجحوا في استصدار فتوى بتبرئتهم من قتل المسيح من البابا نفسه، وأصبح من يذكر هذا الأمر «معادٍ للسامية»! كما يذكر الكاتب الراحل ممدوح عدوان في كتابه (تهويد المعرفة)، بأن من الطرق التي استخدمها اليهود لتغيير التصورات حولهم هي خلق أصول يهودية لكل نبي أو مخترع أو فيلسوف حتى يقنعوا العالم بتجذرهم التاريخي، ولتصبح قضية اليهود جزءا من قضايا التحرر في العقل الغربي. اليهود تعمقوا منذ قرون في الدهاليز السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والإعلامية والاكاديمية في أوروبا بل وان الولايات المتحدة الامريكية تأسست بفكر يهودي كما ينبه ممدوح عدوان في كتابه. ولذلك نجد الرواية الإسرائيلية الصهيونية للأحداث التاريخية في فلسطين موجودة ومصونة ومدافع عنها من قبل أوروبا والولايات المتحدة الامريكية، لأنها الرواية التي أرضعها الإسرائيليون لأوروبا وأمريكا منذ عقود ومن الصعب تغييرها في شهر أو شهرين، وإن فاض الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بصور الأطفال الفلسطينيين القتلى!. اللوبيات الإسرائيلية في اوروبا وأمريكا قوية ومتماسكة وتلعب لعبة خادعة، تتحكم هي بسياقها وروايتها. وحتى ينتصر العرب والفلسطينيون في هذه اللعبة، عليهم أن يلعبوا هذه اللعبة، وأن يتوغلوا اعلامياً وثقافياً واقتصادياً واكاديمياً وعلمياً حول العالم، وأن يوصلوا الصوت العربي والفلسطيني للعالم وألا يكتفوا باللعبة السياسية! بهذه الطريقة سنغلبهم في لعبتهم، فالصوت الفاصل هنا هو الحق، وكما قيل سابقاً: «للباطل جولة ثم يضمحل وللحق دولة لا تنخفض ولا تذل».