15 سبتمبر 2025
تسجيلالحشّاشون هُم أشهر «فرقة» اغتيال في التّاريخ، ظهرت بين القرنين الحادي عشر والثّالث عشر الميلادي، يرجع إليهم الفضل في التّأسيس لمفهوم الاغتيالات السّياسية، استطاعوا زرع الخوف في قلوب أعدائهم عن طريق قيامهم بعمليات اغتيال انتقائية لشخصيات عامّة، وفي أماكن عامّة، ينفّذها رجال مُدرّبون بشكل احترافي علىٰ فنون القتال والقتل، أساتذة في أساليب التنكر والتّخفي، كما في المبارزة والرّماية وركوب الخيل، أعلام في اللّسانيات والإستراتيجيات، من طينة بطل فيلم Mission imposible/ مُهمّة مستحيلة «إيثن»، مع شجاعة نادرة، وحَمِيّة عالية، وطاعة عمياء لوليّ الأمر علىٰ الطّريقة الجامية، وقد نجحوا وقتئذٍ في العديد مِنْ عمليات الاغتيال لشخصياتٍ مهمّة جداً، فيهم وزراء وأمراء، ومنهم خلفاء وملوك. لايوجد فرق بين فرقة الحشّاشين وشلّة المحشّشين، فكلتاهما فرقة اغتيال، لٰكن فضل المحشّشين علىٰ الحشّاشين درجة، وذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، إنّهم أغبىٰ فرقة اغتيال في التّاريخ الحديث والقديم وما بينهما، ولا نظير لها في ما تقدّم من القرون وما تأخّر، إِنَّهَا لَإحْدَى الْكُبَرِ، أفرادها نخبة القوات الخاصّة وصفوة الحرس الوطني، مِنْ طراز بطل مسلسل الرّسوم المُتحرّكة المُفتّش «غادجيت»، قيل بأنّ مهامّها غير رسمية، وهي تتلّقىٰ تعليمات خاصّة مِنْ جهات خاصّة، انكشف ثمانية عشر نفرٍ منها في عملية «سرّية» واحدة طبقت شهرتها الآفاق، ولا فخر، قتلوا فيها نفساً غيلةً بغير نفسٍ، فعلمت بها أمم الأرض جميعاً، وأصبحوا يُشار إلىٰ بلادتهم بالبنان، واتّخذهم النّاس هُزُؤاً، حتىٰ قيل: « أغبىٰ مِنْ أصحاب القنصليّة»، فلم تكدْ شمس ذاك اليوم تَغِيب حتَّىٰ وصل خبرُ الجريمة للنّملة السّوداء في الصّخرة الصّمّاء، وأصبحت العملية السرّية مسرحية، يُتابع فصولها الهزلية مباشرةً ألوفُ ألوفِ البشر، ولا فخر. ارتقت روح خاشقجي إلىٰ ربّها راضية مرضيّة، ولم تستقر أكثر من ثلاث ساعات في البرزخ الأعلىٰ ثمّ عادت لتبدأ في الأخذ بثأرها وبثأر جميع مَنْ طالهم ظُلم ذوي القُربىٰ وأولي الأمر، وممّن خطّط ودبّر، وفكّر وقدَّر، قُتِل كيف قدّر، منذ السّاعات الأولىٰ توجّهت أصابع الاتّهام نحو الأمير الذي بيده مقاليد كلّ شيء، لٰكنّ الأمير أنكر، قُتِل كيف أنكر، العالم كلّه يعلم أنْ لا أحد في المملكة العُظمىٰ «يقدح مِنْ رأسه» خوفاً من بأسه، إلاّ ترمب لم يكُن من المُكذّبين. نفىٰ السّعوديون حصول جريمة اغتيال بالكُليّة، وقالو إنّ خاشقجي غادر القنصلية، إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚثمّ تابوا، ثمّ عادوا وقدّموا روايات ضعيفة، وأحاديث موضوعة، بدون متن ولا سند، في كلّ مرّة قصّة جديدة بلا عَمَد، تجُبُّ ما قبلها، والأتراك يستَتِيبونهم في كلّ مرّة، قبل إغلاق باب التّوبة. وإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ، اعترفت السّعودية بالجريمة مِنْ غير أنْ تذبح بقرة، قرّروا التّضحية بالعجل، وزير مستشار له خوار، في مساعٍ لإنقاذ رأس منْ أصدر حكم الإعدام، لٰكنّي أرىٰ فوق رأسه خبزاً تأكل الطّير منه، ولن تنفعه شفاعة الشّافعين، وإنّي أرىٰ روح خاشقجي ماضيةٌ في ثأرها للنّهاية، مُطمئنّة لسيف العدالة الإلٰهية، ولن تتوقّف حتىٰ تُذبح البقرة، بقرة صفراء فاقعٌ لونها، تهلك الحرث والنّسل!