11 سبتمبر 2025
تسجيلصنفت ثلاث دول أفريقية، بين أكثر الدول فقرا حسب تقرير الأمم المتّحدة للتنمية البشرية لعام 2016، بالرغم مِنْ تمتعها بالثروات الظاهرة والباطنة، وهي دول: الغابون التي احتلت المركز 109 مع ما لديها من المنغنيز والحديد والأخشاب والنفط، ثمّ جمهورية الكونغو التي يمثل النفط البحري 90 بالمائة من صادراتها، ولها من البوتاس والنحاس والماس والذهب ما لها، وهي مع كلّ ذٰلك تحتلّ المركز 135، تليها دولة غينيا الاستوائية مباشرة -بنفطها وغازها- في المركز 135مكرر! قبل الاسترسال في سرد اللائحة السوداء لدول القارّة الفرنسية السمراء أودّ الإشارة إلى أنّ قياس مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدّة يعتمد على: الصحة: ويشير إلى متوسط عمر الفرد منذ ولادته، وقدرته على العيش حياة صحية طويلة. المعرفة: ويكشف عن نسبة الأميين بين البالغين، ومستوى عدد الطلاب في مراحل التعليم المختلفة. الناتج الداخليّ الإجماليّ للفرد: ويمثل ما يحصل عليه الفرد من دخلٍ سنوي قادر على توفير معيشة كريمة. وحسب نفس التقرير المرير، فقد تزاحمت باقي الدّول في المستوىٰ المنخفض والأخير: منزوع الدسم، من المركز 153 الذي نالته دولة الكاميرون، إلىٰ المركز 188 والأخير الذي كان من نصيب جمهورية أفريقيا الوسطىٰ، وهـٰذا طبعا بفضل الفرنسية وبركات الفرنكوفونية، بالرغم من توفرها علىٰ كنوز من ماس وذهب ويورانيوم وفلاحة! جلّ الدول الأفريقية التي اتخذت من الفرنسية لغةً رسمية، تتحدّث الفقر بطلاقة، وتعبر عن الحاجة ببلاغة، لم يشفع لها قاموسها الغني بمفردات المياه العذبة والأراضي الخصبة والنفط والغاز واليورانيوم والذهب والماس والفوسفات والمنغنيز والزنك والحديد، ثروات فيها بأس شديدٌ ومنافع للناس، أخذ الفرنسيون المنافع وتركوا البأس للناس، إنها قسمةٌ ضيزىٰ، أما أمّ الغرائب، وعجيبة العجائب فهي أنه كلما زادت ثروات الدّولة، نزلت في تصنيف تقرير التنمية البشرية أسفل سافلين، وخير مثال دولة النيجر التي احتلت المركز قبل الأخير، وهي الدولة التي قفزت مع اكتشاف منجم «إيمورارن» لتحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد كازاخستان، بعدما كانت تحتل المرتبة الرابعة في إنتاج اليورانيوم من قبل، دولة النيجر هي التي تنوّر عاصمة الأنوار حرفياً، وتدفئ شتاء باريس فعليا بإمداد فرنسا بـ 35 بالمائة من احتياجاتها من الطاقة النووية التي تنتج 75 بالمائة من الكهرباء، بواسطة شركة أريفا العملاقة المتخصصة في مجال الطاقة النووية واستخراج اليورانيوم وصنع المفاعلات النووية، هـٰذا غير الذهب والفحم والنفط. توجد قبل النيجر في الترتيب، ما بين المركز 183 إلىٰ المركز 186 دول غينيا وبوروندي وبوركينافاسو وتشاد، ظلمات بعضها فوق بعض، وكلها دول تتوفر علىٰ احتياطات رهيبة من معادن الماس والذهب واليورانيوم، والمنغنيز، والفوسفات، والزنك، وثروات مائية وفلاحية وحيوانية، تقدّر بمئات التريليونات من الدولارات، من غير ذكر باقي شلة الدّول «النامية» التي تمثل في مجموعها أربعة أخماس الدّول المحتلة للمستوى المنخفض، المنزوع الدسم، والسيادة والحقوق والكرامة. أكثر من عشرين دولة، تحتل قاع تصنيف تقرير التنمية البشرية غصباً، وتعاني الفقر والتّخلف والحروب والأزمات، من أجل أنْ تبقىٰ دولة واحدة تحتلّ المراكز المتقدّمة في اللائحة، وهي ترفع شعار: حرية، مساواة، أخوة! والمغرب ليس بأحسن حال من تلك الدّول، فبالرغم من ثرواته البشرية والفلاحية والحيوانية والمعدنية، فهو ما زال يراوح مكانه في منتصف المستوىٰ المتوسط من تقرير التنمية البشرية، مع استمرار محاولات تكريس الهيمنة الفرنسية الشاملة علىٰ مقدّرات البلد، وتحويل الثروة إلى البنوك الفرنسية تحت أنظار العالم، ثم يسألوننا: أين الثروة؟