17 سبتمبر 2025
تسجيلالكلمات هي ما تربطنا ببعضنا البعض، ولنا أن نتخيل أن منها ما يجمع، وما يفرق، وما يجرح، وما يُضمد، والكثير مما يملك من الوظائف قوة جبارة لا يمكننا إغفالها، فهي قائمة مهما اختلفت الكلمات، التي تصبح بين ليلة وضحاها ذات قيمة عظيمة جداً، تكون كلما عظم المعنى، وتُفقد مكانتها كلما انحدر المستوى، فالمعنى لمنزلة لا ولن تليق بالمرسل والمتلقي على حد سواء؛ لذا نجد أن التفكير بها وعلى خير وجه يُجنبنا الوقوع في براثن تلك المصيبة، التي قد تنجم عن سوء تفاهم يبدأ بكلمة لا تكون في مكانها الصحيح، أو تظهر في أوقات غير مناسبة بتاتاً؛ لتشعل فتيل المصائب ما لم تُدرك كما يجب، مما يعني أن واجب المرء منا يكون بإدراك قوة (الكلمات)، وما تستطيع فعله في الآخرين، والتفكير وبشكلٍ جدي فيها حتى من قبل التفوه بحرف واحد منها، فهي قادرة على فعل الكثير إن أطلقها الفرد ووجهها لآخر، فكيف سيكون الحال إن توجهت منه لآخرين ممن قد تُحدِث فيهم ذات الأثر، الذي سيصبح مع مرور الوقت قوة مُحركة للسواد الأعظم؟ والمشكلة أننا وحين نعود لأصل الموضوع بالتفكير بالسبب الذي أدى إلى ذلك، نكتشف أنه ما قد بدر ممن نطق بكلمة؛ كي يُعبر عن رأيه عبر وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت تقود، توجه، وتأخذنا فيما بعد لاتجاهات لربما لم نخطط لها، ولكننا نفيق فجأة؛ لندرك أننا قد صرنا هناك بعد أن كنا هنا، وإنها لقضية خطيرة جداً تلك المُعلقة حول رقبة الكلمات، التي بدأت مؤخراً تنصاع لذوق وسائل التواصل الاجتماعي، التي أخذت على عاتقها مسؤوليات عديدة لمهن مختلفة، وعلى سبيل المثال الصحافة، التي تملك القدرة على توجيه مجتمع كامل، ولكن بعد أن تخضع لعمليات كثيرة ودراسات أكثر تصل وفي نهاية الأمر لصفحات إخبارية، يتداولها الأفراد وتترجم أحوالهم وما يدركونها منها ويتتبعون جديده، وما هو جديد عليهم ويحتاج إلى متابعتهم الفعلية، وهو الصواب الذي اعتدنا عليه منذ زمن بعيد، ولكن تسارع خطوات (التطور) الذي نشهده وما يخلفه من ظهور وسائل جديدة -من الممكن أن تخدم المجتمع كما يجب إن أدرك كل مُقبل عليها حدوده- يزيد الطين بلة متى وقع في يد كل من يتنصل من معنى المسؤولية بتجاوزه للخطوط الحمراء كل مرة، دون أن يجد له رقيبا يردعه ويُخبره بحجم مصيبته، وهو الحاصل في الوقت الراهن (مع البعض)، إذ باتت تلك الوسائل تجمع من يملك القدرة، ولكنه لا يملك الحق في بث رسائل فاسدة تفسد المجتمع، وتؤثر على من فيه سلباً، ولدرجة تم تجاهلها فتفاقمت من بعدها الأمور للأسوأ وأخذت حجماً أكبر من حجمها، وهو ما لا يجدر بأن يكون حقيقة، وما يؤلمني أن يخرج ما في الداخل للخارج على يد أفراد لا يدركون معنى أن يكون المرء سفيراً لمجتمعه، يمثله والواجب أن يمثله خير تمثيل، (لا) أن يُسيء إليه باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ خاطئ قد يرفع من مُعدل المتابعة، ولكن وللأسف الشديد لمحتويات فارغة لا هدف منها سوى تشويه السمعة، التي لن تعود بسلبياتها عليه وحده، ولكنها ستطال الجميع. أحبتي، حين تصلني بعض الرسائل التي تضم من المقاطع الهزلية الهزيلة ما يحسبه البعض سيُثير الضحك، أخجل كثيراً؛ لأنها وإن أمعنا النظر فيها لا تبدو مضحكة، بل مسيئة بحق مجتمعنا، وبحق العقول المفكرة والمُتدبرة فيه، والتي ستتعرض للمساءلة حين يظهر بينها من يعاني من نقص (فيتامين الإحساس بالمسؤولية)، الذي يجعلنا ندرك ما يجدر بنا فعله في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، وبما أن الأمر وفي نهاية المطاف يعني الجميع، فلقد رغبت أن تصل كلماتي هذه إلى الجميع، على أمل أن يقوم كل واحد منا بما عليه من مهام سترفع من شأننا أكثر وأكثر، وستزيد من قيمة مجتمعنا بين المجتمعات الأخرى إن شاء الله، وهي هذه التي سأختم بها ما لدي؛ كي أبدأ بما وصلني منكم: كل كلمة ننطق بها مُحسوبة علينا، وعليه فلنحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسب. من همسات الزاوية كل كلمة تخرج منك لا شك ستعود إليك؛ لذا تخير كلماتك فهي التي ستُعرف الآخرين بحقيقة ما أنت عليه من الداخل.