17 سبتمبر 2025

تسجيل

الفشل البنّاء

05 نوفمبر 2020

تمتلئ كتب التنمية البشرية ومواقع التواصل الاجتماعي ومدونات المهتمّين بمجال التنمية البشرية وتطوير الذات، بالمقولات والإرشادات والمقتطفات والقصص التحفيزية التي تساعد وتُلهم الاخرين لسلك طريق النجاح ومعاودة المسير بعد الفشل. وبالرغم من كل هذه الاقتباسات والقصص والأمثال، ما زالت معضلة "الفشل" والخوف منه قائمة في كثير من المجتمعات العربية، وما زال هناك من يرى أن الفشل نهاية له ولمستقبله الذي كُتب وأده قبل أن يراه. للمتأمل بوعي.. يجد ان تجارب الفشل كثيرة، وتفوق اعداد قصصها أضعافا مضاعفة قصص النجاح؛ ولكن المحزن ان القليل جداً هم من استفادوا من تجارب فشلهم وجعلوا منها محطات للانطلاق والوصول الى قمة النجاح، ونقلوا هذه التجارب والمحاولات للأجيال من بعدهم، لعل عاثرا يجد ضالته فيها يوماً ما فينجو بطوق تجربتهم من الغرق في تيارات الفشل والإخفاق. قد يغيب عن وعي البعض أن الناس لا يصلون إلى حديقة النجاح، دون أن يمرّوا بأشواك الفشل، واليأس أحيانا، ولكن اصحاب الإرادة القوية لا يطيلون الوقوف في هذه المحطات؛ فمعنى النجاح لا يكمن في عدم الإخفاق، بل في الاصرار على القيام بعد كل عثرة، ومواصلة المسير. ولذلك يقال.. إذا أردت أن تزيد من معدل نجاحك؛ ضاعف معدل فشلك وإخفاقك؛ واعرف كيف تسخر قوة الفشل من أجل الوصول إلى النجاح. لكن عزيزي القارئ هل جربت أن تسأل نفسك يوماً ما وأنت ترى الناجحين والمتميزين والمتفوقين، "ما هو حقيقة سبب نجاحهم؟". هل ساعدتهم البيئة الاجتماعية مثلاً أو الثروة والمستوى الاقتصادي أو الفرص المتاحة أو الأخلاق العالية أو الوضع السياسي؟. الكاتب والخبير النفسي "جون ماكسويل" المؤلف الأكثر مبيعاً لكتبه.. تبعاً لجريدة نيويورك تايمز لديه الإجابة: حيث قال (الفرق بين الأشخاص العاديين والأشخاص الناجحين هو إدراكهم واستجابتهم للفشل). يقول ماكسويل: إنك إذا كنت مثله فإنك لم تُعدّ أبداً للتعامل مع الفشل، حين أنهى دراسته خاف من الفشل وأساء فهمه وركض بعيدا عنه، لكنه تعلم أن يجعل الفشل صديقه وبإمكانه أن يعلمك أن تقوم بالمثل، في حال قرأت كتابه "الفشل البناء". لذلك لابد أن يحرص الفرد على تدريب نفسه على تقبل الفشل. إن "الفشل البنّاء" هو الدورة الدراسية المعينة للتغلب على الفشل، والتي لن تتلقاها أبدا بالمدرسة. ابدأ من اليوم باتخاذ قراراتك بالتحكم في الخوف بدلاً من تركه يتحكم فيك، تخلص من الطرق الروتينية التي تؤدي لفشل الناس باستمرار، تعلم استراتيجية بسيطة للنجاح بعد المرور بانتكاسة كبيرة، وإذا عرفت كيف فشلت؛ ستفهم كيف تنجح. يقول ماكسويل: أود مساعدتك على تعلم كيفية مواجهة الفشل بجسارة وثقة، والتحرك للأمام بأي طريقة كانت، لأنه في الحياة الواقعية لا يكون السؤال هل ستقابل مشكلات، إنما السؤال هو كيف ستتعامل معها، توقف عن الفشل الهدّام، وابدأ في جعل الفشل بنّاء. لذلك يجب ألا نخشى الفشل بل نستغله ليكون معبراً لنا نحو النجاح، ومن الجيد أيضاً أن نتذكر أن الوحيد الذي لا يفشل هو من لا يعمل، وإذا لم نفشل فلن نجتهد، واعلم أن أكثر الأشخاص نجاحاً لا ينكرون أنهم فشلوا، بل وفشلوا أكثر من غيرهم؛ لأن الواقع يقول "من يجرؤ على الفشل بقوة يستطيع أن ينجح بقوة". كاتبة قطرية - مدربة تنمية بشرية وتطوير ذات مستشارة علاقات عامة واتصال [email protected] @almutawa_somaya