16 سبتمبر 2025

تسجيل

.. كاد المعلم أن يكون رسولاً

05 أكتوبر 2022

في الماضي في بدايات التعليم في قطر، كان الأهالي يذهبون بأبنائهم إلى المدرسة ويقولون للمعلمين وهو يقدمون لهم أبناءهم: "علموهم.. لكم اللحم ولنا العظم وجزاكم الله خيراً"، وهي عبارة قطرية وخليجية تقليدية، تعني أن لكم الحق أيها المعلمون بتعليم أبنائنا وفقا للمنهج الذي يناسبكم وتعتقدون أنه يثمر في تعليم أبنائنا، حتى لو كان بالضرب التأديبي، وكانت هذه الطريقة هي السائدة آنذاك، وهذا يدل على إيمان أجدادنا وآبائنا بقيمة التعليم العالية، كما يدل على مكانة المعلم الكبيرة في المجتمع القطري، ولهذا وصلنا الآن إلى ما نحن فيه بعون الله. وقد كان الأديب الكبير نجيب محفوظ يقول: يمتلك المعلم أعظم مهنة إذ تتخرج على يديه كل المهن الأخرى، وقد تم اختيار يوم المعلم العالمي للاحتفال به سنويًا منذ ذلك الحين امتناناً وعرفاناً بدور المعلم في تخريج كل المهن الأخرى ودوره في بناء المجتمع كله. وتحتفل دولة قطر ممثلة بوزارة التربية التعليم، باليوم العالمي للمعلم، الذي يصادف الخامس من أكتوبر كل عام وفقا لهذا المفهوم ما يجعل ذلك الاحتفال نوعاً من العرفان بالدور الكبير والمتنامي للمعلم، كما تحتفل المدارس بيوم المعلم أيضا، كنوع من التقدير لما يبذله من جهود طوال العام مع طلابه، فيعتبر المعلم هو الشخص الوحيد الذي يعلم ليجعل الطالب مستقلا تدريجيا ليعتمد على نفسه، ولهذا يعتبر المعلم من الأشخاص الأكثر تأثيراً على طلابهم فتراهم يقتدون ويتأثرون بهم. كما أن مهنة المعلم من أكثر المهن عطاء وإنتاجية مقارنة بالمهن الأخرى. ويعتبر المعلم هو نقطة ارتكاز للمجتمعات وسبب في تطورها ورسالة المعلم مستمرة، الطريقة الوحيدة لتكون مدرسًا أفضل هي أن تقدم أفضل ما عندك وتختار أسهل الطرق لإيصال ما تريد من معلومات يقول رالف والدو ايمرسون "المعلم العظيم يجعل الأشياء الصعبة سهلة". والمعلم المتميز ليس الذي يطعم طلابه كل يوم سمكة إنما ذاك الذي يعلم طلابه كيف يصطادون كل يوم، ولذلك هو الأكثر تأثيراً على حياة طلابه دائما، والمعلمون يشكلون علامة فارقة في حياة من يقومون بتدريسهم، ودائما نحن نتذكر معلمينا حتى في الصفوف الابتدائية وحتى من مارس القسوة معنا منهم في سبيل تعليمنا وفقا للطرق القديمة والتقليدية في التعليم. قد يختلف أسلوب التدريس في العالم من بلد إلى بلد، ولكن دون شك قطع المعلمون أشواطاً كبيرة من جميع النواحي لنجاح الطلاب الذين هم أبناء المستقبل، ويهون كل الجهد والتضحية عندما يرى المعلمون طلابهم وهم في أفضل حال علماً ودراسة ومهنة، دولة قطر وفي ظل القيادة الرشيدة تجد الحرص على رفع الكفاءة التعليمية معلمين وطلابا. حقيقة تعجز كل الكلمات عن رد جميل أي معلم ومعلمة، مهنة التعليم مسؤولية عظيمة، فأنت لست معلماً وحسب إنما مربي أجيال ولك دور استثنائي ومهم في حياة كل طالب، إن دور المعلم بناء سواء كان علميا أو أخلاقيا أو مهنيا. وأنا اليوم، وبهذه المناسبة، افتخر أني معلمة، وأنا أيضا ممتنة لكل معلمة درستني فلولاها ما قرأت كتاباً ولا كتبت اليوم ولا تعلمت وما علمت. لا أنسى بعض اللائي تعلمت منهن حب المهنة والعمل بالإخلاص، أسأل الله أن يكتب الأجر لكل معلم ومعلمة ساهموا ببناء أجيال إلى يوم القيامة. وبهذه المناسبة أذكر أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي الخالدة في تقدير قيمة المعلم: قم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا وفي النهاية "كن مُعلما إذا رآك تلميذك بعد دهرٍ قال والفخر يملأ عينهِ: ذاك معلمي"... كل هذا وبيني وبينكم.