11 سبتمبر 2025
تسجيللطالما شدتني فكرة كتابة اليوميات، وانجذبت نحو الأشخاص الذين يكتبون يومياتهم. فكنت أتساءل بيني وبيني، ما الشيء السحري والمميز في يومهم، والذي يدفعهم إلى الكتابة عن كل يوم من أيام عمرهم! ولهذا السبب، أي كي أتوصل إلى العوالم الخفية التي توصل إليها هؤلاء الناس، كنت أقرر في بداية كل عام، أن أبدأ في كتابة يومياتي. ويبدأ كل عام بصفحة أو صفحتين أكتبها في دفتر اليوميات، لتتقطع بعدها تواريخ الصفحات، حتى أيأس عن كتابة يومياتي، وأتوقف بعدها نهائياً منتظرة بداية العام القادم. في هذا العام، ومن منتصفه، رجعت مرة أخرى إلى كتابة يومياتي بدون سابق تحضير أو أخذ قرار. والآن وبعد أن انتظمت في كتابة يومياتي، أستطيع أن أفهم لما يُقال بأن كتابة اليوميات تساعد في تحسين المزاج وتهدئة الأعصاب والتخلص من التوتر والقلق. فكتابة اليوميات فعل علاجي، فيها يكون الورق هو الطبيب النفسي الذي يسأل: ما الخطب؟ ماذا يدور في رأسك اليوم؟ ما الذي تحتاجه؟ ما الذي تأمل حصوله؟ ما الذي تتوقعه؟ ما الذي تخافه؟ هل أنت محبط؟ من ضايقك ولماذا تضايقت؟ هل تنام جيداً؟ هل تأكل طعاماً صحيا؟ هل تمارس الرياضة باستمرار؟ هل أنت بخير؟ كتابة اليوميات ليست فقط توثيقاً لتاريخ وتأكيداً على حال مضى.. هي تدوين لمشاعر وأفكار وأحداث ومواقف وخيالات وأحلام، وكل ما شعر ومر به الانسان! وقد تكون كتابة اليوميات عن طريق تدوينها بالقلم، أو تسجيلها بالصوت، أو عن طريق الفيديو. وأياً كانت الطريقة، ابدأ بها عزيز القارئ من اليوم، أينما وصل بك العمر، فقد بدأ غازي القصيبي كتابة مذكراته عندما دنا من الستين عاماً ليخرج لنا (حياة في الإدارة). وأنا لا أطلب منك هنا كتابة مذكراتك أو سيرتك الذاتية، كل ما أطلبه أن تخصص خمس دقائق من وقتك يومياً، لكتابة صفحة أو صفحتين عن يومياتك. وتختلف السيرة الذاتية عن كتابة المذكرات واليوميات. فالسيرة الذاتية هي عبارة عن تسجيل لخلاصة الأحداث الكبرى في حياة الانسان مع شرح الأحداث أو تبريرها. ولذلك يُطالب الانسان أيضاً بسيرة ذاتية عند تقديمه لطلب التحاق بعمل ما أو تدريب أو للدخول إلى جامعة أو مدرسة عريقة، لأن الجهة التي تطالبه بسيرته الذاتية تُريد معرفة ماهي أحداث حياته الكبرى وماذا فعل فيها لتعرف إلى أين أوصلته وإلى أين ستأخذه. أما المذكرات، فهي توثيق لحياة الانسان بشكل مرتب ومتسلسل، وقد يكتبها الانسان بشكل يومي أو يكتبها لاحقاً بغرض نشرها، فكلمة المذكرات مشتقة من كلمة ذَكَرَ أي استحضر الأمر بعد مرور وقت على حدوثه. وتختلف السيرة الذاتية عن المذكرات في كون الأولى شاملة لحياة الانسان بأكملها، أما المذكرات، فقد تغطي مرحلة من حياة كاتبها دون الأخرى، كما فعل السفير محمد بن علي الأنصاري في كتابه (الشباب وحديث الذكريات)، الذي استحضر فيه ذكرياته الرياضية. وأخيراً، اليوميات، وهي ما يكتبه الانسان بشكل يومي، بلا ترتيب وتحضير لأفكاره ومشاعره، دون أن تكون له نية نشرها. وقد تكون غير مترابطة أو بلا معنى في حالات كثيرة. اكتب يومياتك. حضر سحرك يومياً. فعندما تكتب يومياتك، أنت تخلق طوق أمل. يرفعك في الأيام السوداء، عندما تتذكر ما كتبته في أيامك البيضاء. ويريحك وجوده في أوقات الرخاء، كتذكرة على أنك وصلت إلى ما أنت عليه بجهدك واندفاعك إلى الأمام!