12 سبتمبر 2025
تسجيلبعض الزعماء إذا مات يمر الخبر على الناس مرور الكرام فلا بكت عليه أرض ولا سماء، بل قد يتلقون خبر وفاته بفرحة عارمة ويشكرون الله بأن خلصهم من شره فلم يُحسن لأحد من خارج بطانته قط، فلقد كان ظالماً مستبداً مجرماً لا يخاف الله، فإذا كان الكثير من الزعماء الهالكين دخلوا مزابل التاريخ نظراً لسوء أفعالهم وإجرامهم وما جنوه على شعوبهم وربما على البشرية جمعاء وسوف ينضم لهم من هم على شاكلتهم من الذين نراهم في زمننا هذا وهم لا شك بأنهم كُثر! ولقد ودع العالم بأسره بالأمس القريب زعيماً فريداً من الطراز الأول وسياسياً محنكاً ذا قلب كبير لا تُفارق البسمة محياه، مملوء قلبه بالخير والطيبة ومُحب للسلام وفيه من الإنسانية والعقلانية الشيء الكثير التي افتقدها كثير من المسؤولين من حولنا لتهورهم ورعونتهم وعدم اكتراثهم بعواقب الأمور!. فصباح الأحمد رحمه الله لم يترك الحزن في قلوب الكويتيين فحسب بل في قلوب كل من عرفه عن قرب أو عن بُعد، فكان حريصاً على أن يبقى البيت الخليجي الذي ينتمي إليه قوياً موحداً لعلمه وقراءته للأحداث المحيطة بالخليج الخطيرة التي تستدعي أن يتخلى الجميع عن خلافاتهم ويضعون نصب أعينهم مصلحة أوطانهم وشعوبهم، لكن للأسف الشديد بقي الحمقى منهم على حماقتهم وسوء تصرفهم غير السوي، وكم نادى رحمه الله بضرورة نبذ الخلافات البينية التي لا تقدم ولا تؤخر وتزرع العداوة والبغضاء بين أبناء الخليج وتُضيع ثرواتهم وجهودهم في غير ذي طائل، حتى وهو مريض كان حمامة سلام يجوب الخليج لكي يسحب فتيل الأزمة ويمنعها من الانفجار المدمر الذي لن يبقى ولن يذر وقد فعل، ولكن صم آذانهم المتهورون عن سماع نصائحه الخيَّرة لغرض في أنفسهم غير حميد وما زالوا مصرين عليه، وكلنا رأى وفاء سمو الأمير المفدى حفظه الله لهذا الزعيم الكبير في زمن قل فيه الوفاء، فلقد تعاون سموه مع الفقيد إلى أبعد الحدود في سبيل حل هذا الخلاف المفتعل بأسباب غير منطقية وغير صحيحة، ولكنهم اعتادوا على الكذب والمراوغة في هذه الأزمة. وآخر الكلام: لماذا لا يسأل بعض الزعماء من الذين تكرههم الشعوب العربية وغيرها أنفسهم لماذا كل هذا الحب والاحترام والحزن الذي خيَّم على الكثيرين لصباح الأحمد يوم رحيله هل لشره وجوره وبطشه وتهوره وتدخله في شؤون الآخرين أم لحلمه وإنسانيته وطيبة قلبه وصفاء سريرته فيكفيه تلك الابتسامة التي لا تفارق محياه؟. [email protected]