13 سبتمبر 2025

تسجيل

وفاء الدوق

05 أكتوبر 2016

قبل سنوات ليست بالقليلة وقعت بين يدي أوراق غاية في السرية، وجدها بعض رواد الفضاء العائدين من كوكب زحل، تتضمن معلومات حول قصص غامضة، لم نطلع عليها ونحن نتابع مسلسل "مغامرات الفضاء" الشهير، المعروف باسم غرندايزر، قصص كفيلة بأن تغير نظرتنا كليا للدوق فليد أو كما كنا نعرفه دايسكي آمون. أدرك حجم المخاطرة بتاريخنا وماضينا الجميل، لكن أمانتي العلمية تحتم علي أن أروي هذا الفصل المفقود من الرواية، لعلنا نفهم ما الذي يجري من حولنا. بعد انتصاره المزعوم على فيجا الكبير، ومغادرته الأرض عائدا لكوكب فليد، بدأ الدوق فليد صفحة جديدة من حياته، في البداية كان حاكما عادلا بارا برعيته، وقرر أن يدعم الحريات بأنواعها، وأكد أنه سيقضي على الفساد الذي كان منتشرا قبل غزو كوكب فيجا، ثم استفحل واستشرى بعد ذلك.وبالفعل قضى في عدله ذاك عدة سنوات، ثم أسكرته السلطة فنسي كل ما وعد به وأصبح شخصا آخر تماما، كان الجميع في كوكب فليد يتحدث عن ظلمه وجبروته، وكيف أنه تغير، من مقاتل ضد الاحتلال، إلى وحش كاسر أبشع من المحتل.وكيف أن الفساد بات عنوانا لعهده، لكن لم يكن ذلك فقط، كل ما يتحدث عنه مواطنوه، بل ما كان يشغلهم أكثر هو اختفاؤه يوما كاملا في نهاية كل أسبوع، وطيرانه بالمقاتل الجبار غرندايزر إلى مكان مجهول لا يعرفونه.في صباح اليوم السابع من الأسبوع، والذي يسمونه يوم النجمين، كان الدوق فليد يغادر كوكبه متجها نحو ثقب أسود قريب، بسرعة خرافية تقترب من سرعة الضوء، وعندها كان يطل على مجرة درب التبانة، ويتجه مباشرة نحو قمر الأرض. نزل الدوق فليد من مركبته الفضائية، وأخذ يطير طيرانا، نحو أحد الثقوب التي خلفها نيزك ضخم قبل 2600 عام، ولأول مرة كانت معه شقيقته ماريا، بعد عشر سنوات من عودته لكوكب فليد، وهناك داخل ثقب النيزك، لم يكن وحده، بل وجد حشدا من الكائنات الفضائية، الذين كانوا يمثلون مختلف مستعمرات قوات كوكب فيجا. كان الكل متجمعا حول قبر غريب الشكل، يكاد يكون معلقا بالهواء، وكانوا يطوفون حوله باكين متضرعين، وينشدون لفيجا الكبير، ويدعون له بالرحمة، ويطلبون من الأرواح أن تحسن استقباله في العالم الآخر. التفتت ماريا حولها برعب، وقالت: ما هذا يا دوق؟! فأجابها بصوت مهزوز: قبر فيجا الكبير يا حبيبتي، إنها أول مرة تزورينه معي، لأنك للتو بلغت الثلاثين وهو سن الرشد في كوكبنا!قال دوق فليد عباراته تلك، وبدأ يبكي فيجا الكبير، ويتحسر على عبقريته، ومثله، وأخلاقه، بل اعتبره صانعا للسلام، لكن الأغبياء الذي كان واحدا منهم لم يستوعبوه، ولم يفهموا حقيقته البيضاء، وبدأ ينتحب بصوت عال، فصمت الجميع احتراما، فقد كان أعلاهم رتبة ومكانة، إلا شقيقته ماريا، التي غضبت، وأخذت تعاتبه.قالت ماريا: هل نسيت أنه دمر كوكبنا، وقتل أباك وأمك، وقتل الملايين من الأبرياء في أكثر من 23 كوكبا، كيف تنسى كل ذلك وتبكي على قبره اليوم؟أجاب الدوق بهدوء ولامبالاة: أبي كان مندفعا، لم يستمع لفيجا الكبير، كان يمكنهما أن يتحالفا فيسيطران على الكون كله. بصقت ماريا في وجه أخيها: وماذا عنك ألم تقاتله، ألم تدافع عن الأرض، ألم تقتله في الحلقة الأخيرة من المسلسل الأسطوري، بعد أن وجدته مختبئا في مركبة فضائية تشبه قنينة غاز؟ضحك الدوق فليد، وقال: كنت أحارب الجناح المتمرد من كوكب فيجا دفاعا عن سيدي وكوكبه، ولم أقتله أبدا، بل مات موتة ربه، وما شاهدتيه في المسلسل محض هراء وأكاذيب!، صمت قليلا ثم قال: بالمناسبة، هو من مهد لي حكم كوكب فليد، وأدين له بولاء مطلق!صمتت ماريا، ثم بكت، وبكت، وخرجت مندفعة خارج الثقب النيزكي، تاركة وراءها قيمة مثالية كبيرة، كان الدوق بالنسبة لها رمزا للعدل والحق، ولكنه استطاع بكلماته الخرقاء تلك أن يحطم كل ذلك، فما عاد في نظرها الدوق فليد أكثر من تابع بليد. أما الدوق فليد وباقي وفود الكواكب التي كانت تحتلها قوات فيجا المتحالفة، واصلوا طقوس العزاء لعدة ساعات، ثم شربوا نخب فيجا الكبير، قبل أن يغنوا جميعا بصوت سامي كلارك، علي علي بطل فليد، هيا طر ياغرندايزر.