16 سبتمبر 2025
تسجيلبالرغم من كل الشعارات العالمية التي تنادي بحقوق المرأة، وضرورة وقف العنف ضدها، إلاّ أن الدراسات تؤكد أن العنف ضد المرأة مازال مستمراً، بل كشفت تقارير حديثة صوراً مُرعبة، حيث تبين أن امرأة واحدة بين كل ثلاث تعرضت للعنف في حياتها سواء كان عنفا بدنيا أو جنسيا أو لفظيا، أي ما يُشكل حوالي 736 مليون سيدة وفتاة في العالم وفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية في مارس 2021. وقد لا تعتبر هذه الدراسة دقيقة وهذا الرقم صحيحا، نظراً لأن كثيراً من النساء يتعرضن للعنف ويبقين في صمت، ولا تصل لهنّ المنظمات الحقوقية، بل لا يجرأنَ على الإفصاح عن العنف الذي يتعرضن له في بيوتهن نظراً للخوف الذي يتملكهن وعدم وجود حلول ناجحة لوقف العنف، طالما أنهنّ سيستمرِرْنَ في العيش في نفس البيئة والبيت، ومع نفس الأشخاص الذين يُمارسون العنف ضدهنّ. وتختلف مظاهر العنف ضد المرأة من بيئة لأخرى وفقاً لثقافة البلد والعادات والتقاليد التي تحكمهم والمستوى المعيشي، وكلما كان المستوى المعيشي مُتّدنيا، كلما تعرضت المرأة للعنف والاستغلال الجسدي أكثر، في حين أنه في بعض المجتمعات الأكثر تقدمًا تتعرض المرأة لعنف جسدي ولفظي واستغلال بطرق أخرى، في كل الحالات يؤثر تعّرض المرأة للعنف على صحتها مدى الحياة، وأن توقف العنف ضدها فآثاره تبقى محفورة في داخلها مما يعرضها للإصابة ببعض الأمراض مثل القلق والاكتئاب وغيرها من الأمراض. ورغم الانفتاح العالمي والإعلامي الذي نعيشه، إلاّ أنه ما زال بعض الرجال لا يترددون في تعنيف المرأة وضربها بسبب وبدون سبب، وكأنهم يفّرغون طاقاتهم فيها، كما أنه ما زال قتل النساء مباحاً ومبرراً عند بعض المجتمعات حتى ولو لم تثبت إدانة المرأة، فمن أعطى الرجل الحق في قتل المرأة في حين أن الدين الإسلامي والشرع وضع ضوابط للتعامل مع المرأة وإن أخطأت، وهو نفس العقاب لكل من الرجل والمرأة، وللأسف غالباً لا يتم التقّيد بالضوابط الدينية، والأعراف هي السائدة. العنف له أشكاله وقد تتعرض له معظم نساء العالم، وقد عُرّف العنف في اللغة بأنه الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وأعنف الشيء أي أخذه بشدة، والتعنيف هو اللوم واستخدام القسوة في محيط الإنسان، وهو سلوك صادر من قِبل إنسان ضد إنسان آخر سواء كان ذكراً أو أنثى، أما صور العنف تتمثل في العنف الجسدي، اللفظي، النفسي، الاجتماعي، الجنسي، العملي، الاقتصادي، الصحي. وللاعتبارات الاجتماعية يفرض الرجل سيطرته على المرأة ويستقوي عليها ويسلبها إما حريتها أو يتحكم في قراراتها أو يهينها بشكل مستمر سواء بالضرب أو اللفظ أو الاستغلال الجسدي أو يحتال على أموالها أو ورثها أو يستغل منصبه في العمل، فإما أن ترضخ لطلباته أو أنه سيمارس العنف عليها. الرجل أعطى لنفسه الحق ودون وجه حق في استغلال المرأة التي كرّمها الدين الإسلامي ووصى بها الرسول الكريم، ونادت كل المنظمات الحقوقية بضرورة المحافظة عليها من العنف وتكريمها، ومساواتها في الحقوق بالرجل، ولكن للأسف أن ذلك لم يتحقق على مر السنوات وربما تكون طريقة التنشئة الاجتماعية للرجل هي التي تدفعه أن ينظر للمرأة بنظرة دونية فيستغل قوته البدنية عليها ويتطاول عليها بالضرب والإهانة، وكلنا يعرف أننا نعيش في مجتمع ذكوري تُحترم فيه كلمة الرجل، والبعض يستغل ذلك ويُفسر مبدأ القِوامة على هواه وفقاً لاحتياجاته ومبادئه التي قد تكون خطأ غالباً، ونجد أن الذكور عندما يجتمعون على امرأة فإنهم يتفنون في وسائل العنف ضدها، فمثلاً بعض الاخوة قد يمارسون عنفاً على الأخت الوحيدة وحرمانها حقوقها التي قد تصل إلى سلبها حقها في الميراث، والحال نفسه مع الزوج الذي قد يسلب المرأة راتبها أو يقّصر في واجباته الزوجية في الوقت نفسه يحرمها حقها في التمتع في حياتها ناهيك عن الضرب والعنف والأنانية التي يتعامل بها معها. صورة أخرى عندما يتآمر الرجال على النساء في الحياة العملية ويحاولون النيل منهن أو منعهن من تقّلد المناصب ويتنمرون عليهن باعتبار أن المرأة لا تصلح لإدارة الأعمال ويحاولون إقصاءها واستغلال ضعفها رغم أن كل الثقافات ساوت في الحقوق والواجبات بين الموظفين، إلاّ أن المجتمع الذكوري لا يتردد في تعنيف المرأة بحرمانها حقوقها التي يكفلها القانون. صور كثيرة من العنف تعيشها المرأة في العالم وخاصة المجتمعات العربية، ومهما حاولت المنظمات الحقوقية محاربة عنف المرأة ووقفه، إلاّ أنها تفشل على مر السنوات، فالتغيير يحتاج إلى جهود مستمرة وجادة من الحكومات والمجتمعات لتغير السلوك الضار للرجل ضد المرأة، وتحسين إتاحة الفرص والخدمات أمام النساء وتعزيز العلاقات الصحية ومبدأ الاحترام المتبادل بين الطرفين منذ التنشئة وأن لا جنس أفضل أو أقوى أو أكثر سيطرة على الآخر، وهذا ممكن أن يتم باستخدام أدوات تعليمية في المدارس منذ المراحل الأولى وتعزيز تلك الأدوات في المجتمعات بالبرامج التوعوية للطرفين في التعامل مع بعضهم بالتقدير والمساندة والمساواة، فلا تكفي القوانين الوضعية إن لم تُطبق، ولا يكفي ترديد شعارات وقف العنف ضد المرأة في حين من يرفع الشعار يعّنف المرأة ويهضم حقوقها! • في مجتماعاتنا الذكورية يَحل الرجال مشاكلهم وتُلبى طلباتهم بفنجان قهوة في المجلس، أمّا النساء فَيَسلب الرجال حقوقهن بالعَلن ولا يَجدن من يَنصفهن! • لوقف العنف الذي تتعرض له المرأة، لابد من تغيير في طريقة التنشئة الاجتماعية لكل من الأنثى والذكر لتقوم على مبدأ الاحترام والتقدير وأهمية الطرف الآخر ومنحه حقوقه المكفولة من الدين والقانون. • القوانين أعطت المرأة حقها، ونجد كثيراً من النساء يعملن ويمارسن حياتهن ويحققن طموحاتهن، ولكن هناك نساء مازلن يعانين من العنف الذكوري إن لم يكن في البيت، ففي العمل أو المجتمع وهذا ما يجب محاربته! [email protected] @amalabdulmalik