15 سبتمبر 2025

تسجيل

الـمسؤوليةُ الاجتماعيةُ والبناءُ الصحيحُ

05 سبتمبر 2014

النجاحُ في تأصيلِ مفاهيمِ الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، لا يكون كما يظنُّ بعضُنا، عبر إلزامِ الأفرادِ بالقوانينِ الـمرعيةِ، والتَّشَـدُّدِ في إيقاعِ العقوباتِ الرادعةِ في حَقِّ مخالفيها، فهذا التفكيرُ فيه مثاليةٌ مُفرطةٌ تتخطى الواقعَ، وتنظرُ إلى الأفرادِ ككتلةٍ ذاتِ إرادةٍ واحدةٍ، يسودُها فِـكْـرٌ واحدٌ، فالنجاحُ يتحققُ عندما يكونُ الالتزامُ بالقوانينِ انعكاساً لروحِ الـمَدنيةِ والتَّحَضُّرِ، وتَقَـدُّمِ التعليمِ، ونموِّ الروحِ الوطنيةِ الـمُرتكزةِ على الانتماءِ والثقةِ بأنَّ القوانينَ وُضِـعَـتْ، والإداراتِ والـمؤسساتِ أُنْشِـئَتْ لضمانِ الحياةِ الكريمةِ الـمُتَجَـدِّدَةِ للفردِ والـمجتمعِو من الـمُلفتِ للنظرِ تلك الحالةُ من الفَصْلِ بين التَّعامُلِ الذاتيِّ مع تفاصيلِ حياتِـنا العامةِ والالتزامِ بالقانونِ، وهو أمرٌ يبدو واضحاً في كثيرٍ من شؤونِنا، لكنه أكثرَ وضوحاً في الرياضةِ، لننطلقْ بدايةً، من الجانبِ غيرِ الرياضيِّ، ونضرب مثالاً يُوضِّحُ ما نقصدُهُ، ففي حالاتٍ كثيرةٍ نسمع شكاوى الـموظفينَ من إجحافٍ يتعرَّضون له في ترقياتِـهِم لأنَّ الـمدراءَ يُحابونَ فلاناً ولا يبالونَ بالأقدميةِ والكفاءةِ والخبرةِ، والـمشكلةُ، هنا، تكمنُ في أنَّ الشكاوى لا يرافقُها مطالَباتٌ بتصحيحِ الحالةِ، لأنَّ الـمدراء مدعومونَ من مسؤوليهم الأعلى في الترتيبِ الوظيفيِّ، كما يعتقدُ كثيرون، و هم مخطئون في اعتقادِهِـم، فالدولةُ، كجسمٍ رسميٍّ ضخمٍ راعٍ للمجتمعِ والـمواطنِ، ليست مسؤولةً عَـمَّا يعتقدونَهُ، ولكنها حريصةٌ على تحقيقِ العدالةِ عندما يتقدمون بشكاواهم أو تَظَـلُّماتِـهِم، وذلك من خلال التزامِها بالدستورِ والقوانينِ الـمَرعيةِ، أما في الرياضةِ، فإنَّ الأمرَ عكسيٌّ، لأنَّ اللوائحَ والقوانين الداخلية لضبطِ السلوكِ أثناءَ التنافسِ، لا تُتَّـبَعُ لسببٍ آخرَ هو شعورُ البعضِ بأنَّ لجنةَالانضباطِ ليستْ جهةً قانونية عليا ذات صفةٍ رسميةٍ، وإنما تُمثلُ أشخاصاً في اتحادِ القدمِ يمكنُ التأثيرُ عليهم بصورةٍ أو أخرى، وهذا غيرُ صحيحٍ، ففي الـموسمِ الـماضي، أثبتتْ اللجنةُ أنها جهةٌ مُستقلةٌ عن أشخاصِ الـمسؤولين فيها، وتعاملتْ مع حالاتٍ عدةٍ بموضوعيةٍ وجَدِّيةٍ أكَّدَتا دورَها الهامَّ، لذلك لابدَّ من الاعترافِ الكاملِ بكونِـها أداةً قانونيةً لها سلطةٌ رسميةٌ ضابطةٌ للسلوكِ الرياضيِّ، ما سبقَ، يعودُ بنا إلى برامجِ الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ وأهدافها، لنقرَّ بوجوب التركيز على الناشئةِ والشبابِ من خلالِ زَرْعِ مفاهيم الـمجتمعِ الـمَدنيِّ في نفوسِـهِم، وأولُها الالتزامُ بالقانونِ وعدمِ خَـرْقِـهِ، و وجوبِ اللجوء إليه، والثقةِ بالجهاتِ الرسميةِ التي تُنفذُهُ، فهذا، وحدُهُ، السبيلُ للنهضةِ بالبلادِ، وضمانِ الشروطِ الـموضوعيةِ لتقدُّمِـها وتنميتها، إنساناً ومجتمعاً.كلمةٌ أخيرةٌ :ينبغي الخروجُ من الحالةِ الاحتفاليةِ في التواصل بين أجهزةِ الدولةِ وجامعةِ قطرَ ومراكزِ الأبحاثِ في بلادِنا، فقد آنَ أوانُ استثمارِ دراساتِها وبحوثها بصورةٍ عمليةٍ في التنميةِ الشاملةِ ومسيرةِ النهضةِ في بلادِنا.