03 نوفمبر 2025

تسجيل

فضل شهر رمضان على الاقتصاد السعودي

05 أغسطس 2012

يتميز شهر رمضان المبارك بأمور مختلفة منها تعزيز النشاط الاقتصادي في البلدان الإسلامية لسبب جوهري وهو ارتفاع ظاهرة النفقات على المأكولات والأنشطة. ويكون هذا الأمر واضحا أكثر في السعودية وتحديدا في مدينة مكة المكرمة والتي تستعد لاستقبال مئات الآلاف من المسلمين في العشر الأواخر من الشهر الفضيل. كما تتميز هذه الفترة بظاهرة ارتفاع الأسعار فيما يتعلق بالفنادق والوحدات السكنية على وجه الخصوص بالنظر لحجم الطلب. بل تصعد الأسعار بنحو 30 في المائة في المنطقة المحيطة بالحرم المكي في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك نظرا لتزامنه بنزول القرآن الكريم. وليس من المستبعد دفع مبالغ تفوق 10 آلاف دولار للسكن ووجبتي الإفطار والسحور لمدة 10 أيام في الديار المقدسة بل يزيد الرقم عن ذلك بكثير بالنسبة للذين يصرون النزول في أفخم الفنادق التي تطل على الكعبة المشرفة. المشهور أيضا عدم تدخل السلطات المسؤولة عن شؤون الحج والعمرة في موضوع الأسعار بحجة ترك الأمور لعوامل العرض والطلب. بل الاعتقاد السائد هو قدرة هذه الفترة بتوفير فرص للمستثمرين لتحقيق مكاسب تجارية في هذه الفترة والتي يطلعون عليها على مدار السنة. وليس من السهل مجادلة حجج السلطات لأنه في العادة يتسبب التدخل في بعثرة الإمكانات وإساءة استخدامها. وجميل تقدير السلطات السعودية للدور الإيجابي للعمرة في خدمة الاقتصاد السعودي الأمر الذي يفسر بشكل جزئي على الأقل استصدار المزيد من التأشيرات وقبول المعتمرين على مدار السنة باستثناء موسم الحج. حتى الماضي القريب كانت العمرة بالنسبة لغير رعايا دول مجلس التعاون الخليجي تقتصر على سبعة شهور في السنة. وخير دليل على تقبل المزيد من المعتمرين هو زيادة عدد التأشيرات من قرابة 4 ملايين تأشيرة قبل عدة سنوات إلى أكثر من 5.5 مليون تأشيرة في السنة حسب آخر إحصائية. مؤكداً لا يمكن إغفال الجانب المادي بالنسبة للانفتاح على المعتمرين حيث تشير إحصائية حديثة إلى مساهمة قطاع العمرة لوحده إذا جاز التعبير بنحو 9 مليارات دولار في الاقتصاد السعودي. طبعا يرتفع الرقم لأكثر من 30 مليار دولار بعد إضافة النفقات المتعلقة بموسم الحج. تشمل مصروفات الحج والعمرة أمورا مثل تقديم القرابين والسفر والسكن والأكل والاتصالات. ويتوقع ارتفاع مستوى الضغط على الخدمات العامة في مكة المكرمة خلال منتصف شهر أغسطس الجاري لسبب إضافي وهو استضافة المدينة المقدسة لمؤتمر استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي وهو الاسم الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وسوف يتوافد زعماء المنظمة والتي تضم 57 بلدا على مكة لمناقشة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذا العصر. اللافت في هذا الصدد هو امتداد السياسة الرحبة تجاه المعتمرين لجوانب أخرى في الاقتصاد السعودي من قبيل التوجه لتحرير السوق المحلية للطيران في سابقة هي الأولى من نوعها. حقيقة القول توجد الكثير من الأسباب الموضوعية لفتح سوق الطيران المحلية أمام المنافسة الدولية بالنسبة لبلد يقطنه نحو 28 مليون نسمة وفي مقدمة ذلك تحقيق التنافسية والكفاءة. وحسب أحدث الإحصاءات المتعلقة بسوق الطيران في السعودية فقد فاق عدد المسافرين على الخطوط الداخلية 22 مليون مسافر في السنة. طبعا لا يمكن إنكار حقيقة كون نسبة من المسافرين هم من الحجاج الأجانب حيث يصر البعض للاستفادة من موسم الحج والعمرة لزيارة الأماكن السياحية المنتشرة في ربوع المملكة المترامية الأطراف مثل العسير. وتبين حديثا أن لدى الخطوط الجوية القطرية رغبة بتسيير رحلات داخلية منتظمة في السعودية. والحال كذلك بالنسبة لطيران (هاينين) وهي ناقلة صينية فضلا عن شركة طيران الخليج البحرينية. وليس من المستبعد حصول القطرية على حق امتياز رحلات داخلية بالنظر لسجلها الحافل وتوفيرها طائرات حديثة وبالتالي قدرتها على منافسة كل من شركتي السعودية وناس. ويبدو أن السلطات السعودية جادة في تطوير كل ما له علاقة بالطيران تقديرا للفوائد التي يمكن تحقيقها عبر تحرير القطاع تماما كما هو الحال مع إمارة دبي حيث بات مطارها وجهة دولية. حديثا فقط نالت شركة (تاف أنزات) التركية وحلفاء لها عقدا بقيمة 800 مليون دولار لإنشاء وصيانة شماعات وأجهزة في مطار الملك عبدالعزيز في جدة. ويلاحظ عدم اقتصار الأمر على الشركات المحلية بل الانفتاح على العالم للحصول على أفضل العروض. كما تم الكشف حديثا عن تحديد قائمة قصيرة من أربع مجموعات بغية الحصول على عقد لإنشاء قطارات تسير بالكهرباء تربط بعض النقاط الرئيسة في العاصمة الرياض. وتشمل النقاط المرغوبة محطات مطار الملك خالد الدولي فضلا عن مركز الملك عبدالله المالي في وسط العاصمة. الاعتقاد السائد في أوساط العاملين في مجال الخدمات المالية هو اللجوء لخيار سوق الصكوك الإسلامية للحصول على التمويلات المطلوبة وبالتالي التأكيد على شراكة المستثمرين في المشاريع المطروحة. وفي كل الأحوال تعتبر السوق السعودية هي الرائدة في المنطقة بلا منازع في مجال الصكوك الإسلامية ربما بسبب الإمكانات المتوافرة في المملكة. وكانت الهيئة العامة للطيران المدني قد نجحت في استصدار صكوك بقيمة 4 مليارات دولار في بداية العام الجاري وهناك توقع بتكرار التجربة بالنظر لنجاحها. الأمور المشار إليها أعلاه وغيرها كثير هي التي دفعت بمؤسسة (بلومبرغ) المتخصصة في مجال الخدمات المالية بتوقع تحقيق نمو فعلي أي بعد طرح عامل التضخم للاقتصاد السعودي في حدود 4.8 في المائة في 2012. تعتبر نسبة النمو هذه ثاني أعلى نسبة من نوعها بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد قطر. لا شك قطر لها خصوصيتها بالنظر لتطوير القطاع النفطي من جهة وتوجه الدولة للصرف على البنية التحتية بغية إعداد البلاد لاستضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022.