14 سبتمبر 2025
تسجيللتحيا حياة سعيدة وخفيفة - وأظن أن هذا ما يرغب فيه الجميع - يجب عليك ألا تتعلق بكل شيء تمر عليه في حياتك، وألا تولي اهتماماً لكل حدث أو فعل أو قول يُقال في حضرتك أو غيابك، ماذا ستستفيد لو جلست تفكر عزيزي القارئ، بكلمة قالها لك مديرك بعد أن رجعت إلى بيتك، وأنت جالس في حضن عائلتك؟، ما النفع الذي سيعود عليك وأنت مستمر في غضبك على شخص التف عليك بسيارته قبل خمس ساعات؟!، هذا ما تطرق إليه ريتشارد كارلسون في كتابه (DON’T SWEAT THE SMALL STUFF.. AND IT’S ALL SMALL STUFF!) كان كارلسون ليقدر على اختيار عنوان أقصر من هذا، ولكنه لم يكن ليجد عنواناً معبراً أكثر، ومعناه: (لا تفكر بالأمور الصغيرة.. وكلها أمور صغيرة!). في كتابه يلقي كارلسون نصائح مهمة على القراء، وسأذكر منها ثلاثاً. أولاً: ثق بحدسك. وحدسك قد يعني الشعور اللاإرادي المزعج الذي ينمو في أحشائك عندما ترى شخصاً جديداً لأول مرة ثم تكتشف بأنه محتال.. وقد يعني أيضاً تعليمك أو تدريبك الذي مارسته طوال حياتك حتى صار جزءاً منك، يدلك على الطريق الصحيح بدون أن تشعر، مثل القصة التي ذكرها جيمس كلير في كتابه (العادات الذرية). وتقول القصة: التقى رجل بزوجة ابنه (الممرضة) في تجمع عائلي، فقالت له الممرضة فوراً: "لا يعجبني شكلك"، رد عليها الرجل ممازحاً: "وأنا لا يعجبني شكلك أيضاً!"، فقالت له: "كلا، أنت بحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى الآن!"، أصرت المرأة حتى ذهب الرجل إلى المستشفى، واكتشف أنه يعاني انسداداً في شريان رئيس، فخضع لجراحة مستعجلة، الجراحة وحدس المرأة أنقذا حياة الرجل. النصيحة الثانية، اسأل نفسك دائماً، ما الأمور المهمة بالنسبة لي؟ هل هي كثرة المال؟، هل هي امتلاك جسم صحي وجميل؟، هل هي محبة الناس وفعل الخير؟، هل هي وجود علاقات قوية بيني وبين عائلتي وأصدقائي؟، هل هي العمل ليل نهار كي أصل إلى منصب معين؟، وعندما تعرف جواب هذا السؤال.. ابدأ في وضع قائمة أولوياتك في الحياة. أخيراً.. "لو رمى أحد الكرة عليك.. لا يلزمك أن تمسكها". لا تقل نعم، دائماً للآخرين، ليست من وظيفتك رفع التعب والحمل دائماً عن الناس، أنت مسؤول عن نفسك طوال الوقت.. ولكنك لست مسؤولاً عن الآخرين طوال الوقت، لست مجبراً على الرد على كل اتصال وكل طلب وكل حاجة وتلبية الناس في طلباتهم طيلة الوقت. يجدر التنويه، إلى أن هذه ليست دعوة إلى تجاهل مساعدة الناس والحس بالمسؤولية تجاه المجتمع، ولكنها دعوة إلى عدم تحميل النفس فوق قدرتها وطاقتها.. بحيث يصل الإنسان إلى الانهيار، وعندها لن يقدر على مساعدة لا نفسه ولا غيره. الحياة أكبر وأهم من أن نولي الأمور الصغيرة جل اهتمامنا.. فعندما نفعل ذلك.. لا نترك مكاناً كافياً للأمور الكبيرة والأمور التي تهمنا فعلاً، وبدلاً من ذلك نعبئ حياتنا بالقلق والأرق، وهذا في النهاية خيارك عزيزي القارئ.. هل تريد أن تملأ وقتك بالتفكير بقيل وقال، قيل من ورائك.. أم هل تريد أن تملأ وقتك بالتفكير في أحلامك وخططك؟. لا تنس أن كل شيء من حولك صغير وتافه معظم الوقت.. وأنت ما تجعله كبيراً وعملاقاً في رأسك.