28 سبتمبر 2025

تسجيل

مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

05 يوليو 2022

تعد جريمة غسل الأموال من الجرائم تتعدد فيها المصالح المعتدى عليها، وهي بحسب بعض الفقه من جرائم الاعتداء على الأموال، حيث تعد جريمة غسل الأموال من الجرائم الاقتصادية التي تؤثر على النظام الاقتصادي للدولة ككل، كما أنها ترتبط بشكل كبير بالمؤسسات المالية وبخاصة البنوك، حيث إنها تعد المجال الخصب لتنفيذ عمليات غسل الأموال، علاوة على ذلك، فإن جريمة غسل الأموال من الجرائم العابرة للقارات في الغالب الأعم من الحالات، كما أن جريمة غسل الأموال تعد جريمة تبعية، حيث لا تقع جريمة غسل الأموال إلا إذا سبقتها جريمة أولية حتى لو لم يتم اكتشافها. ونظراً للتطورات الهائلة في هذا العالم، ظهرت جريمة خطيرة وقذرة وهى جريمة غسل الأموال وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي تنتشر بشكل كبير بين الدول نظراً لتلك التطورات، حيث سهولة انتقال الأشخاص والسلع والخدمات بين البلاد المختلفة بشكل أسرع أدت إلى انتشار جريمة غسل الأموال على المستويات المحلية والدولية يوماً بعد يوم، مما دفع بالدول والجهات الحكومية لفرض قوانين وتشريعات للتصدي لتلك الجريمة والحد منها ومنهم دولة قطر حيث أصدرت القانون القطري رقم (20) لسنة 2019 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد شهد العصر الحالي كثيراً من التغيرات والمتغيرات، وظهرت العديد من التحديات، والأفكار المستحدثة كفكرة العولمة والتي تعنى إزالة الحواجز الاقتصادية وغيرها بين الدول، وتَمثْل هذه الفكرة بجعل سلامة الاقتصاد الوطني مرتبطة بسلامة الاقتصاد العالمي، ويؤدى ذلك بالتالي إلى وجود ارتباط وتلازم حتمي بين الأمن الوطني والأمن العالمي. وتعد الجريمة المنظّمة العابرة للحدود الوطنية خطراً يهدد الأمن والسلم الدوليين، وتشمل النشاطات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود الوطنية في السنوات الأخيرة عدة مجالات من أهمها: غسل الأموال، والنشاطات الإرهابية، والاتّجار بالأسلحة المحظورة أو بالمخدرات، وتهريب الآثار، وخطف السيارات، وغير ذلك من الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإجرامية وإسباغ المشروعية على العائدات الجرمية أو ما يعرف بالأموال القذرة ليتاح لهم استخدامها بيسر وسهولة. وتعد جريمة غسل الأموال من الجرائم التي تنتشر بشكل واسع في السنوات الأخيرة، وهي جريمة مقترنة بجريمة أخرى لا تقل خطورة عنها وهي عادةً ما ترتبط بجرائم المخدرات أو الفساد أو الإرهاب أو تجارة السلاح وغيرها من الجرائم التي تعكس تأثيرات خطيرة على المجتمع الدولي. بالتالي فإن جريمة غسل الأموال ترتبط بالجريمة التي تسبقها بطريقة لا تقبل التجزئة، وإن كل منها له النموذج الإجرامي الخاص بها، لكنها تعد إحدى خطوات الجريمة الأولى، حيث تكتمل جريمة غسل الأموال بعد الحصول على الأموال من الجريمة الأولى، وبالتالي تقع هذه الجريمة عقب تحصيل الأموال التي تم الحصول عليها من الجريمة الأولى. وتعتبر جرائم غسل الأموال ( Money Laundering ) أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي، إنها التحدي الحقيقي أمام مؤسسات المال والأعمال، وهي أيضاً امتحان لقدرة القواعد القانونية على تحقيق مواجهة الأنشطة الجرمية ومكافحة أنماطها المختلفة، وغسل الأموال جريمة لاحقة لأنشطة جرمية حققت عوائد مالية غير مشروعة، فكان لازماً إسباغ المشروعية على العائدات الجرمية أو ما يعرف بالأموال القذرة ليتاح استخدامها بيسر وسهولة وأن العالم يشهد تطورات متلاحقة في مجال تجريم ومكافحة غسل الأموال. وتزايدت القناعة الدولية بأن التعاون الدولي يمثل شرطاً لازماً وضرورياً لمكافحة هذا النوع من الجرائم، بعد أن باتت النظم التشريعية الفعالة غير قادرة وحدها على التصدي لأساليب التمويه التقليدية والمستحدثة، التي تتلون بها مثل هذه الجرائم.