29 أكتوبر 2025

تسجيل

يقظة القلب

05 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); زود الله الإنسان بخصائص نفسية وطاقات روحية ، تمكنه من السمو والترقي ، وتحرره من جواذب الأرض.ونحن نرى في حياتنا ونجد في أنفسنا نصيبا من وطأة هذا الحرمان حتى أنه لتأتي علينا أوقات نستثقل فيها ‏العبادة ، ونتبرم بمن حولنا ، ونجد في قلوبنا قسوة. ‏أما صاحب القلب الموصول فهو بخلاف هذا الحال ، يجد في صدره إنشراحا ، ولعبادته لذة ، ومع ربه شغلا ‏وإنسا ، لقد كان العارفون فيما مضى يقولون : ‏‏-(إذا وقعت في أل حميم- السور القرآنية التي تبدأ بالحروف: حاء ميم "حم"- وقعتُ في رياض دمثات أتأنق فيهن ) ‏‏-(نحن في حال لو عرفها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف)‏‏-(ماذا يفعل أعدائي بي أنا جنتي في صدري) ‏ونحن حينما نقرأ في كتب الأوائل مثل هذه العبارات ، وننظر في حالنا نجد أن بيننا وبين أؤلئك الرجال مفاوز ‏بعيدة ،و مساحات لا تحد.‏لا تعرضن بذكرهم مع ذكرنا …ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد ‏ومن السهل علينا أن نسوق لأنفسنا المعاذير وأن نعد المبررات التي قدمتهم وأخرتنا ، ومن الميسور علينا أن ‏نقارن بين زمانهم وزماننا ، لنقول إننا نعيش في عصر إنتصرت فيه المادة على الروح ، ولو كنا في مثل ‏زمانهم لفعلنا ما فعلوا، فنحن لم نجد على الحق أعوانا. ‏ومع اعترافنا بأثر الزمان وسطوته على الناس ودوره في تشكيل سلوكهم ، إلا أننا نعلم أن المنهل الذي استقى ‏منه أولئك الرجال لا يزال بين أيدينا عذبا زلالا ، وسائغا فراتا ، وما علينا إلا أن نرده لنجدد إيماننا ونبعث ‏اليقظة في قلوبنا ، وحالنا اليوم ليس أسوأ فترات التاريخ التي عرفها المسلمون ، فما تزال بقايا الخير شاخصة ‏في حياتنا ، ومساجدنا بفضل الله عامرة ،وجهود أهل الدعوة والإصلاح تثمر ثمارا طيبة ، وتكشف عن معادن ‏في الناس خيرة. ‏إن يقظة القلب هي السبيل الأوحد الذي يكفل لنا أفرادا وجماعات الوصول إلى ما نرجوه لأنفسنا من رقي ‏وسمو، ولكن هذه اليقظة لا تتم إلا بوسائل نحتاج أن نكون جادين في الأخذ بها: ‏‏1-صدق اللجوء إلى الله ليعننا على بلوغ الرشد ، وللدعاء -لا سيما مع الإلحاح- بركاته المعلومة وآثاره ‏المشهودة (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادي سيدخلون جهنم داخرين) ‏‏2-وقفات المراجعة والاستدراك التي تحول بين الإنسان وبين المضي في حياته لا يلوي على شيئ ، وأظن أن ‏هذه هي العلامة الفارقة بين المسلم الجاد والآخر الذي لا يبالي بما اقترفت يداه (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف ‏من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)‏‏3-الاستعداد النفسي لتقبل النصح ، وإشاعة ثقافته حتى يصبح سلوكا راسخا في حياة المجتمع المسلم ، ‏فـ(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهنون عن المنكر)، وفي الحديث الصحيح ‏‏(الدين النصحية) فالمسلم الجاد يوطن نفسه على تقبل النصح والخضوع له والعمل بمقتضاه متى ما تبين له ‏الحق وصح عنده صواب ما أهدي إليه، شعاره في ذلك(رحم الله رجلا أهدى إلي عيوبي)‏‏4-عدم الاستخفاف بمحقرات الذنوب ، فكثير من الناس يتستخفون بذنوبهم لأنهم يقارنون حالهم بحال أهل الكبائر ‏ويقولون نحن في عافية ، وذنوبنا مع أؤلئك كقطرة في بحر ، وننسى في غمرة هذا الاسترسال الشيطاني أن ‏معظم النار من مستصغر الشرر ، وأن الصغائر مع الإصرار عليها والاستخفاف بها هي سبب أصيل في كل ‏النهايات المؤلمة، فالتحولات في حياة الناس لا تحدث بين يوم وليلة، وظاهرة الانتكاس والتراجع تبدأ بخطوات ‏وئيدة ثم تتابع مسرعة حتى تورد صاحبها المهالك. ‏