19 سبتمبر 2025
تسجيلتحتاج دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) لتطوير وتحسين وتسهيل وتبسيط قوانين الاستثمار من أجل وضع حد لظاهرة تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. تتميز الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالبقاء مثل بناء المصانع والمباني حتى ما تغير المالك. يختلف الأمر عن الاستثمار في أسواق المال مثل شراء الأسهم لعدم وجود التزام وإمكانية المتاجرة بالأدوات بطريقة سريعة خصوصا في ظل التحسن المستمر للتقنية حيث بالمقدور القيام بعمليات البيع والشراء عبر الضغط على بعض الأزرار لا أكثر. تقرير الاستثمار العالمي لعام 2015، والذي صدر مؤخرا من قبل المؤتمر العالمي للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، أكد هذا الاتجاه المثير للقلق فيما يخص الاستثمارات الأجنبية الواردة لدول مجلس التعاون.بصورة مجتمعة، استقطبت المنظومة الخليجية استثمارات قدرها 20.7 مليار دولار في 2014 منخفضا عن مستوى 22.5 مليار دولار في عام 2013. ونتيجة لذلك، تقلت حصة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول مجلس التعاون ضمن منطقة غرب آسيا من 50.3 بالمائة في 2013 إلى 48.1 بالمائة في 2014. فضلا عن دول مجلس التعاون، تشمل منطقة غرب آسيا دول أخرى مثل إيران والأردن. مستوى التراجع هذا ليس ضخما لكنه يأتي في ظل هبوط حجم الاستثمارات الأجنبية في جميع دول مجلس التعاون باستثناء قطر. من الطبيعي توقع العكس أي تعزيز الاستثمارات الواردة بالنظر لمكانة الاقتصادات الخليجية في الاقتصاد العالمي.تكفي الإشارة إلى ممارسة اقتصادات دول مجلس التعاون دور جوهري في ديمومة قطاع الطيران العالمي عبر التوقيع على عقود لشراء طائرات جديدة بصورة مستمرة.للمرة الثانية على التوالي، يؤكد التقرير قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة للدول الإقليمية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث استقطبت استثمارات بنحو 10.1 مليار دولار في 2014 مقارنة مع 10.5 مليار دولار في 2013. وعليه، استحوذت الإمارات قرابة 49 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالنسبة للاستثمارات الواردة في دول مجلس التعاون الخليجي في العام الماضي ما يعد انجازا. يأتي ترتيب حجم اقتصاد الإمارات في المرتبة الثانية بين الدول العربية بعد السعودية لكن قبل مصر والجزائر.. وفي هذا الصدد، يتوقع تسجيل نسبة نمو قدرها 4.4 بالمائة للناتج المحلي الإجمالي في 2015 وصولا إلى 440 مليار دولار مقارنة مع 416 مليار دولار في 2014 وهي نسبة جديرة. بدورها، استقطبت السعودية استثمارات قدرها 8 مليارات دولار في 2014 منخفضا عن مستوى 8.9 مليار دولار والذي تم تحقيقه في 2013 ما يعني استمرار خسارة السعودية لحجم الاستثمارات الواردة. بالعودة للوراء، استقطبت السعودية استثمارات أجنبية في حدود 40 مليار دولار في 2008 وذلك في قمة قدرة اقتصاد المملكة على جلب الاستثمارات مع تطوير التشريعات في إطار الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بما في ذلك الحد من القيود للتملك الأجنبي. جذبت كل من الإمارات والسعودية بصورة مجتمعة قرابة 87 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014 الأمر الذي يعكس المستوى الاقتصادي المتميز للبلدين في إطار المنظومة الخليجية بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام. استمرارا لهذا الوضع، استقطبت عمان تدفقات قدرها 1.2 مليار دولار في عام 2014 مقارنة مع 1.6 مليار دولار في 2013. يشكل هذا التراجع أمرا غير مريح للسلطنة في الوقت الذي تسعى فيه لجلب استثمارات أجنبية مباشرة في العديد من القطاعات بما في ذلك السياحة بغية معالجة بعض التحديات الاقتصادية مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين وتحقيق مستويات مرتفعة للنمو الاقتصادي.في المقابل، استقطبت قطر استثمارات أجنبية مباشرة تفوق عن مليار دولار وهي الحالة الوحيدة بين دول مجلس التعاون والتي شهدت نموا وليس تراجعا في حجم التدفقات. يعكس هذا الواقع القوة الاقتصادية الصاعدة لقطر من قبيل التطوير المستمر للبنية التحتية. وفي حال سارت الأمور بالشكل الصحيح، يتوقع أن تجذب قطر استثمارات أجنبية ضخمة في السنوات القليلة القادمة وذلك في إطار الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2022. وفيما يخص البحرين، حصل تراجع محدود للاستثمارات الأجنبية بمستوى 32 مليون دولار مترجما لانخفاض مستوى التدفقات لحد 957 مليون دولار. أخيرا، عانت الكويت من انخفاض حاد في تدفقات الاستثمار من حوالي 1.5 مليار دولار في عام 2013 إلى حد 0.5 مليار دولار أمريكي عام 2014. ويمثل هذا أكبر الخسائر لأية دولة في مجلس التعاون، ويعكس جزئيا معضلة التأسيس لعلاقة عمل بين البرلمان المنتخب ومجلس الوزراء المعين. للأسف، من شأن بعض التطورات السلبية مثل الهجوم الانتحاري على مسجد نهاية يونيو، الحد من قدرة الكويت على جذب والحفاظ على الاستثمارات الأجنبية في ظل المنافسة الإقليمية والدولية.ما حدث من انخفاض لحجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في جميع دول مجلس التعاون باستثناء قطر في تقرير الاستثمار لعام 2015 ينبغي أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ والتفكير. من جملة الأمور، لا مناص من تحسين الظروف أمام المستثمرين الدوليين بما في ذلك تطوير قوانين الملكية والعمل والإجراءات. وربما لم يعد من المناسب فرض قيود على الملكة الأجنبية في ظل حالة التنافسية التي تشهدها الدول لاستقطاب الاستثمارات. كما لا يرتاح المستثمر الأجنبي لمسألة فرض قيود على التوظيف نظرا لوجود البديل أي دول أخرى لا تفرض قيودا. تبذل مختلف دول العالم لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية جهودا لتحقيق أهداف مثل تحقيق أعلى معدلات نمو وتطوير للناتج المحلي الإجمالي والسعي لإيجاد فرص عمل للمواطنين. تمثل تدفقات الاستثمار الأجنبية المباشرة التزام من جانب المستثمرين للاستثمار في مجالات معينة؛ لدى المستثمرين الدوليين خيارات للاستثمار في نحو 200 بلد في العالم والتي تسعى لجلب وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة.