15 سبتمبر 2025
تسجيللم أكن مستعدة لتلقي أية دعوات إعلامية حالياً، خصوصاً بعد قراري بالانعزال فترة عن المجال الصحفي والاكتفاء بالعمل الرسمي منه صباحاً ولكن مازالت الدعوات تطاردني وكأنها لعنة تريد اقناعي بأنه لا فرار عن هذا المجال الذي اخترته بكامل قواي العقلية وارادتي الفعلية له، ولكن وبعد هذه السلسلة من السنوات في هذا المجال وصلت إلى مرحلة اكتفاء أو تشبع ربما لأنني وجدت وبعد هذا النضال أن الواقع مختلف عن الحلم وصعب في طريق الطموح وربما لأن ميولي الكتابية أكثر تشويقاً لي، ولكن وللأمانة أعترف بأنني مصابة بالارتخاء والكسل مؤخراً وأحتاج إلى فترة نقاهة قد تكون طويلة، ما علينا.. منذ فترة وصلتني رسالة عبر هاتفي من إحدى الأخوات تدعوني فيها لحضور حفل تخريج إحدى دفعات الفن والجمال وعمل التغطية الإعلامية اللازمة والمناسبة لها رغم أنني أعلنت سابقاً تركي للعمل الصحفي هذه الفترة، ما لفتني بل وأضحكني كثيراً وجعلني أتوقف عند خط أشعرني بالتفاهة أو بالانتقاص هو ذلك الإغراء الذي قدمته لي تلك الأخت طبعاً ليس لي وحدي فأعتقد بأنه موجه لجميع أو أغلب الصحفيات في المطبوعات وهو أن هذه الدعوة تأتي مع (وجبة عشاء فاخرة وهدايا للإعلاميات) تساءلت أي نوع من الإعلاميات تقصد هل هن أولئك اللاتي يبحثن عن موائد الحفلات وبطاقات الواسطات! أم أولئك الجادات المهنيات! أي نوع من الإغراء السطحي المقدم هذا! لاغواء أو رشوة أو دعوة اعلاميات لتغطية فعالية! هل تقدم مثل هذه الدعوات للرجال لا اظن ذلك ولا استبعده أيضاً! فالموازين مقلوبة وخطوط الطلب والعرض تتعارض متى ما تعاكست الأهواء والرغبات!، خصوصاً إذا ما زادت نسبة المصالح وحب الظهور (والشو)، ووجد من يحول (البوصة إلى عروسة) والقبح إلى جمال والفساد إلى صلاح والكذب إلى صدق، انهم أولئك المرتزقون الذين يبيعون الأسقف البالية ويمسحون الجوخ ليكون لهم في الطيب نصيب! طبعاً أنا هنا لا اتحدث أبداً عن حفل هذه المجموعة من الفتيات فهن يستحقن الاحترام مهما كان هناك من خطأ ولكن هذه الرسالة دفعتني للتفكير بأمور كنا نناقشها على طاولات العمل بين الزملاء والمهتمين من الضيوف! ومنها استغلال الإعلام والبعض من الإعلاميين في تلميع من لا يستحق التلميع، سواء أكانوا أفرادا أم مؤسسات! وربما اغراؤهم بتقديم التسهيلات لهم والمساعدة متى ما احتاجوا ولا أعرف إن كان هناك شيء آخر فلا أريد أن أضع في ذمتي شيئا! ولكن لماذا إعلامنا باتت مهمته (ترميم) الحقائق وتزييفها بما يتناسب مع رضا أهل الرأي، أغلب المؤسسات بل كلها بمختلف قطاعاتها تبعث للصحف تقارير معدة مسبقاً ايجابية جداً بل تكاد تكون مثالية بينما الواقع مختلف فتحت هذه التقارير كم من الأخطاء المرقوعة والمداراة تحت عباءة الخفاء! لماذا ليس لدينا جرأة للاعتراف بالخطأ ومواجهته بالواقع! وتعريف الرأي العام بالحقيقة ودفعه للمشاركة بتصحيح الخطأ! لماذا يبرع المسؤولون في اختيار جملهم المنسقة دون ذكر للفشل ودفناً لرائحة الفساد؟!. لماذا تساهم الصحف في تعزيز هذا التبادل السلبي بين الأطراف! أليست هي الوسيط الذي يفترض أن يتحرى الواقع ويعتمد على مصارده في جلب المعلومة والحقيقة! وتقديمها للجمهور بكامل ثقوبها ومحاولة تعرية أسبابها ومسؤوليها!. نحن لا نكره أن نسمع عن الكمال والمثاليات وأن تكون كل مؤسساتنا - كما تقول عن نفسها - ولكن في حالة واحدة عندما تكون هذه هي الحقيقة والحقيقة فقط!. والآن أين الخطأ هل هو من مصدر الخبر أم وسيطه أم متلقيه! وهل مازالت الثقة قائمة بين الرأي العام ومعلومات المصدر!؟ حسناً برأيي أن الوسيط وهي المطبوعات بيدها تغيير الوجهين فهي الوحيدة القادرة على فرض الحقيقة وتدعيمها بالنشر الجاد والشفاف! فالثقة مهزوزة بين الاثنين لسبب واحد وهو التكرار والتشابه في الصور الايجابية التي لا تتغير ولا تتضح إلا في الأخطاء المريعة التي يحدثها القدر وتعريها الصدفة كما حصل في سيول جدة عندما ظلت الصحف لسنوات تصفق للمشروع الفذ وتلصق كل التصاريح المادحة له وفجأة اتضحت الحقائق وكشفت الأسرار. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. الخلل وحده موجود في أدراج تلك العقول التي تدير المؤسسات الإعلامية، ومازالت تؤمن بأن المصلحة فوق كل شيء، وليس لديها الجرأة لتقول لا.