14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحياة الطيبة

05 يونيو 2023

بدعوة كريمة من كلية التربية بجامعة قطر، حضرت الأسبوع الماضي مبادرة التربية والحياة الطيبة، والتي قدمتها سعادة الدكتورة الشيخة حصة بنت حمد آل ثاني عميدة كلية التربية، وهدفت المبادرة التي استمرت خمسة أيام إلى وضع الركائز النظرية المتكاملة لمشروع التربية والحياة الطيبة، والذي يهدف إلى خلق نموذج لبيئة تعليمية تسهم في بناء شخصية الطالب فكرياً وروحياً وعاطفياً وجسدياً واجتماعياً، وإعداد المعلم القدوة القادر على تمثّل القيم التعليمية والتربوية في مدرسته وبيئته الاجتماعية، وإيماناً من القائمين على كلية التربية بأهمية إشراك قادة المجتمع وأصحاب الرأي والمؤسسات الفاعلة وأولياء الأمور، دعت عميدة الكلية الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني مجموعة من القيادات والمسؤولين ورجال الأعمال والإعلاميين الذين شاركوا سلسلة اللقاءات في جلسات نقاشية كمجموعات، وتمخضت تلك المناقشات عن مجموعة من الاقتراحات والتوصيات لتعزيز ركائز الحياة والتي تم تقسيمها إلى الركيزة الروحية، الركيزة العاطفية، الركيزة الفكرية، الركيزة الجسدية والركيزة الاجتماعية. والمجتمع بحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي تصب في الحفاظ على مجتمع متكامل ويتمتع بحياة طيبة مستدامة ومستمدة من قواعد الدين الإسلامي الذي نظم كافة قوانين الحياة والتربية والأخلاق والإنسانية والحياة الصحية وطريقة الأكل كذلك، ومن خلال عرض الركائز الخمس تظهر عناصر التربية السليمة، فمثلاً الحياة الطيبة الروحية تنتج استقامة في الحياة والحياة الطيبة العاطفية تُعلم المرونة والصبر، أما الحياة الطيبة الفكرية والتي تُنير العقل فتدفع إلى حب الاستطلاع وإتقان الأعمال، والحياة الطيبة اجتماعياً ينتج عنها التفاعل مع الآخرين وبذل الخير والحياة الطيبة الجسدية فإنها تجعل الفرد متمتعاً بالصحة والقوة والنشاط الذي يدفعه للمساهمة في بناء المجتمع. وربما من أكثر التحديات التي تواجه التربية في كل الركائز هي شبكات التواصل الاجتماعي (السلاح ذو الحدين)، والذي يؤثر عدم تقنين استخدامه على كل الركائز ويخلق خللا في شخصية الناس خاصة المراهقين والنشء الذين يتأثرون وينبهرون بالأفكار التي تنهال عليهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تجد من يفلتر محتواها ولا من يوجه مستخدميها، ومؤخراً تم تصنيف كثرة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كحالة إدمان، وما نلاحظه حالياً من طريقة استخدام الأجهزة الذكية فعلاً يُنذر بدمار قد يصيب المجتمعات، فالحوار بين العائلة الواحدة يكاد ينتهي، وتلاحظ ذلك في الأماكن العامة فالكل مشغول في عالمه الافتراضي، كذلك السمنة وأمراض السكري في تزايد نظراً لبقاء الصغار والكبار ساعات طويلة دون حركة مع أجهزتهم وتناولهم الأطعمة السريعة، ناهيك عن تحرر الأفكار واعتناق أفكار غربية في الملابس وطريقة الحياة نظراً لتأثرهم بما يبث في شبكاتها التواصل الاجتماعي وغيرها من السلبيات!. مبادرات تربوية كهذه تمنح كافة أفراد المجتمع المشاركة ووضع توصيات ومقترحات لتقويم السلوكيات الخطأ وإيصالها للمسؤولين لتشريع قوانين تحمي المجتمع من فقدان الهوية يوماً، كما أنها وبمشاركة الشخصيات البارزة في المجتمع ومن كل التخصصات تساهم في خلق حلقة وصل بين صناع القرار والمجتمع والمؤسسات التربوية وهذا هو الدور الفعّال للتعليم المرتبط بالتربية. كل الشكر لكلية التربية وعميدة الكلية سعادة الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني على مبادرتها الطيبة من أجل مجتمع واعٍ ، طيب، يعيش حياة صحية فكرياً، جسدياً، روحياً، عاطفياً واجتماعياً، ونسأل الله لها ولكل المبادرات الطيبة النجاح وتحقيق الأهداف المرجوة.