28 أكتوبر 2025

تسجيل

الإدارة الناجحة

05 أبريل 2023

إذا دخلت مؤسسة من المؤسسات فاستقبلك الموظفون والعمال ببشاشة وترحاب، وأثنوا على المؤسسة التي يعملون بها، فاعلم أن الإدارة فيها بخير. وإذا دخلت مؤسسة من المؤسسات، فتلَقَّاك الموظفون والعمال بوجوه عابسة مكفهرة، وشكوا إليك مُرّ الشكوى، فاعلم أن هناك خللا إداريا وفجوة بين المديرين من جهة، وبين الموظفين والعمال من جهة أخرى. أعرف موظفين وعمالا عُرضت عليهم وظائف في مؤسسات أخرى برواتب أعلى ومخصصات أفضل فرفضوها، لأنهم يجدون في مؤسساتهم من التقدير والتحفيز المعنوي ما يجعلهم لا يبغون عنها حولا، بل ويدافعون عنها فلا يرضون أن يساء إليها أو ينتقص من مكانتها. وفي الجانب الآخر، موظفون وعمال في جهات أخرى يتحينون الفرصة ليغادروا مؤسساتهم كأنهم يتقلبون على جمر، وبعضهم مستعد لأن يعمل برواتب أقل ومخصصات أدنى، لأنهم لا يجدون من يقدر جهودهم ويرفع معنوياتهم. فلا تعجب إن رأيتهم يوسعون مؤسستهم إساءة ونقدا، وقد يصل الأمر ببعضهم أن يفشي أسرارها وينشر فضائحها. صفات المدير الناجح المديرون الناجحون ينظرون إلى الموظف باعتباره إنسانا له أفكار ومشاعر وأحاسيس، فيسعى لتحفيزه معنويا وماديا، حتى يشحذ همته ويفجر طاقاته، فينعكس ذلك إيجابا على إنتاجه وعطائه. هو الذي يعتبر أن الراتب الذي يتقاضاه الموظف لا يعد موازيا لما يقدمه، لأنه يمنح المؤسسة تفكيره وجهده ومشاعره، ويعطيها أفضل سنوات عمره وجل وقته الذي يحرم منه أهله وزوجته وأبناءه. لذلك يوثق هذا المدير الناجح صلته بالموظفين والعمال، ويكون قريبا منهم، ويعتبرهم شركاء في النجاح، لا مجرد أجراء، فيعرف أخبارهم، ويشارك في مناسباتهم، ويساهم في حل مشكلاتهم بصدر رحب ونفس منشرحة. أما المدير الفاشل فما زال يمارس الإدارة التقليدية القائمة على الأوامر والتعليمات المباشرة، ويعتبر الموظف والعامل أجيرا يتقاضى مقابلا كافيا على عمله، وينظر إليه باعتباره آلة جوفاء وكتلة صماء، لا أفكار لها، ولا مشاعر وأحاسيس، وعليها أن تنفذ الأوامر والتعليمات دون نقاش ولا جدال، وليس من حقها أن تطلب المزيد ما دامت تتقاضى راتبا لقاء ما تقوم به! فلا يراعي أفكار الموظف أو العامل ولا يكترث لمشاعره وأحاسيسه، إذا أحسن غض الطرف عن إحسانه واعتبره من صميم واجبه، فلم يحفزه معنويا ولو بكلمة طيبة أو ابتسامة بسيطة، ولا ماديا بمبلغ يدخل عليه السرور ويعينه على مصاعب الحياة. وإن أخطأ عنَّفَه بكلمات جارحة وصبّ عليه جام غضبه، وربما اقتطع من راتبه ما ينكد عليه عيشه وينغص عليه حياته. هل نحن في الطريق الصحيح؟ ولإنجاح دولاب العمل في بلادنا في الأجهزة والمؤسسات الحكومية استبشرنا خيرا بإنشاء ديوان الخدمة المدنية المتخصص في تطوير الأداء الحكومي، وشهدنا في الفترة الأخيرة نشاطاً غير عادي في الأجهزة الحكومية للفعاليات والورش التي ينظمها الديوان للارتقاء في أداء أجهزتنا الحكومية خاصة الخدمية منها، وأساليب حديثة ومبتكرة في تقييم الموظفين بتحديد الأهداف ونسبة تحقيقها وتوقيت استحقاق كل هدف وقياسه بالنسبة لأهداف الإدارة التابع لها كل موظف ثم قياسه بأهداف الوزارة المعنية لتصب جميع هذه الأهداف في بوتقة الركائز الأساسية للخطة الإستراتيجية الوطنية التي يتحقق من خلالها الركائز الأساسية لرؤية قطر 2030م، وديوان الخدمة من أهدافه الأساسية تحقيق أعلى مستويات التطوير والتحديث التنظيمي والإداري، ورفع مستوى الموارد البشرية المدنية بالجهات الحكومية، والارتقاء بها بما يكفل زيادة كفاءتها وفعاليتها وتحقيق الاستخدام الأمثل لها، ويكون له في سبيل تحقيق ذلك ممارسة كافة الاختصاصات والصلاحيات اللازمة. كسرة أخيرة ختاماً، يا سعادة المدير، إذا أكرمت موظفك وعاملك وقدَّرْتَ جهوده، وحسَّنت له بيئة العمل، وحفزته، سيكرمك ويفرغ قصارى جهده في إتقان عمله وتطوير أدائه، ويدافع عنك وعن مؤسستك ويعتبرها جزءا منه، ويدعو لك بدعاء قد يكون سببا في البركة في الصحة والأهل والرزق. وإذا أهنته وأذللته وقهرته، ولم تراعِ مشاعره وظروفه، أوغرت صدره وأثرت حفيظته، وربما دعا عليك بدعاء عاد عليك بالوبال على أمورك الشخصية، فلنحذر ونكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، والتأكيد من قبل ديوان الخدمة المدنية على إقامة ورش القيادة للقياديين وتقديم الكورسات في مختلف النواحي سواء الإدارية أو الاجتماعية أو النفسية ليكون القيادي مثقفاً ومتعلماً وواعياً لمنحه الثقة الكاملة في حسن التعامل مع مرؤوسيه وبالتالي الرقي بأداء إدارته الذي يصب حتما في الارتقاء بأجهزتنا ومؤسساتنا الحكومية.