11 سبتمبر 2025
تسجيلعندما أفكر بالأسئلة التي نسألها أنفسنا وغيرنا.. يطرأ في بالي الفيديو الذي انتشر قبل عدة سنوات لطفلين يجلسان في حوض سيارة يتساءلان: "هل نحن لوحدنا؟ هل توجد كائنات غيرنا في هذا العالم؟" على الأرجح أن الأغلبية سألت نفسها هذه الأسئلة وأكثر، ولكن كم منا دوَّن أسئلته وأفكاره أو صورها أو سجلها ليحتفظ بها أو لينشرها لاحقاً؟ من منا يُسرع خارجاً من بعد الاستحمام ليُسجل أسئلته التي فاجأته في الحمام؟ كم منا يكتب أفكاره التي داهمته قبل استعداده للنوم؟ كم منا يكتب أحلامه التي تراوده في نومه ويومه! القليل فقط! قد يظن البعض أن هذه الأسئلة والأفكار بلا أهمية، وأنها أضغاث يوم لا تستحق التفاتة.. وقد تكون فعلاً كذلك، ولكن ماذا لو كانت أكثر من ذلك؟ ماذا لو كانت هذه الأسئلة بداية لطريق لم نظن أبداً بأننا سنخوضه؟ ماذا لو كانت هذه الأفكار لامعة وجيدة تستحق الخوض فيها؟ ماذا لو كان الحلم الذي حلمناه امتداداً لفكرة كنا نفكر فيها قبل النوم؟ ماذا لو كان لسؤالنا معنى، ولكننا تسرعنا باستبعاد ذلك في لحظتها ومن ثم ندمنا بعد نسيانه؟! لو لم يكن لأسئلتنا وأفكارنا معنى، ما كنا لنقول لأنفسنا سنكتب هذا السؤال أو تلك الفكرة، فننسى تدوينها مع ازدحام رأسنا وتتابع أحداث يومنا! نواجه في الدول العربية صدوداً عن كتابة وتسجيل ما يدور في رأسنا من أفكار وأسئلة وأحلام، الكثير منا يظن أن الكتابة للكتاب فقط. وهذه فكرة خاطئة، فالكتابة للجميع ويُفترض بها أن تكون "على" الجميع. يمكن للكتابة أن توسع آفاق الشخص فتدله على طرق وأساليب جديدة في حياته، لم يكن ليعرفها لولا أنه دوّن أفكاره وأسئلته. ولذلك نجد الكثير من الناجحين سواء كانوا فنانين أو مهندسين أو رجال أعمال، يحافظون لسنوات على كتابة يومياتهم وأحلامهم وأسئلتهم في دفاتر قد يأتي يوم وينشرونها فيه على أنها سيرة ذاتية! وهي فعلاً سيرة ذاتية (لتمرحُل العقول) أي انتقالها من مرحلة إلى أخرى! الكتابة وتسجيل المشاعر والأفكار والأسئلة طوال اليوم، نوع من التعبير عن الذات والسماح لأنفسنا بأن نتطور عبر أن نسأل وأن نفكر أكثر، فكل فكرة تجر أخرى.. وقد نفيد غيرنا أيضاً، عبر تدوين أفكارنا وأسئلتنا، فالإنسان العادي يفكر بستة آلاف فكرة في اليوم.. ماذا لو كانت إحداها الفكرة التي ستغير حياتنا وحياة غيرنا إلى الأحسن؟ هل سيكون من الأفضل ائتمان ذاكرتنا عليها أم احتفاظنا بها في دفتر قريب من القلب؟ دونوا أجوبتكم..